Back Home (To the main page)

Souvenirs and books from Lebanon
 

Sections

About us

Contact us

 
 
SearchFAQMemberlistUsergroupsLog in
Friend in distress - Lebanon

 

 
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
  View previous topic
View next topic
Friend in distress - Lebanon
Author Message
admin
Site Admin


Joined: 09 Mar 2007
Posts: 529
Location: Jbeil Byblos

Post Friend in distress - Lebanon Reply with quote
الصديق عند الضيق

ارتديت أجمل ثيابي ورتبت هندامي استعدادا ً لزيارة أحد أقربائنا. وها أمي تخرج من غرفتها أنيقة ً، جميلة ً، فرحة . اقتربت منها وقلت:

- ما أجملك أماه... يا أجمل أم في الدنيا...
رن جرس الهاتف. أخذت أمي السماعة...
- ألو... أهلا ً... أنا هي... نعم! ماذا؟ رباه...
اصفر وجهها، ظهر الخوف في عينيها وصارت ترتجف كورقة خريفية في مهب الريح. سكتت لحظة ثم راحت تسأل بلهفة:
- وأين هو الآن؟ ماذا أصابه؟ كيف جرى ذلك؟.. سأحضر حالا ً حالا ً...

تركت السماعة وهرولت نحو الباب... لكنها عادت الي وأنا مدهوش لما يجري. حدقت في وجهها فاذا بها تزرع بسمةً حزينة ً على شفتيها المرتجفتين وتحاول عبثا ً حبس دمعة تدحرجت على خدها.

سألتها بهدوء: ماذا حدث أماه؟ من ذا الذي كلمته الآن؟ لماذا أنت...

ضمتني الى صدرها قبلتني وقالت:

- لا تخف يا حبيبي. حادث بسيط... أبوك بخير...
- أبي ؟؟! ما به؟ ماذا جرى له؟
- اهدأ... لا داع للقلق... اصطدمت سيارته بشجرة على حافة الطريق. هو الآن في المستشفى وحالته غير خطرة... ألحمد لله... ألحمد لله.
- كيف حدث ذلك؟؟ ان أبي لا يسرع، وهو يحترم قانون السير ولا يخالف...
- أتذهب معي الى المستشفى أم تبقى هنا عند الجيران؟
- عند الجيران؟؟؟ أماه، سأذهب معك الى المستشفى. أريد أن أرى أبي... أريد أن أكون بجانبه... أريد أن أطمئن الى صحته... لن أتركه أبدا ً...
- ولكن...
- أماه، أرجوك... سأكون مطيعا ً...

ها نحن أمام مدخل المستشفى... توجهنا نحو فتاة تجلس داخل غرفة زجاجية. وضعت أمي فمها أمام ثقب في الزجاج بشكل دائرة ولفظت اسم أبي... نظرت تلك الفتاة الى بعض الأوراق أمامها، ثم قالت:

- الطابق الثاني. الغرفة 212.
- شكرا ً...

توقف المصعد... فاذا بنا أمام رواق طويل ذكرني برواق مدرستنا. رحنا ننظر فوق أبواب الغرف ونقرأ 201-202- 203... حتى بلغنا الغرفة رقم 212.

قرعت أمي الباب بكل لطف ثم فتحته بهدوء ودخلنا غرفة أبي. يا له من مشهد مؤثر مبك... كان أبي ممددا ً في السرير، مغمض العينين، دون حراك... تلف رأسه شاشة بيضاء محكمة الربط... في منخره نربيش علمت في ما بعد أنه كان يحمل اليه الأوكسيجين لأنه كان يتنفس بصعوبة... في يده اليسرى ابرة تتصل بنربيش آخر ينقل سائلا ً، أشبه يالماء، من كيس علق فوق رأسه... انه المصل...
يقف بجانب السرير، صديقه جميل وعيناه القلقتان تحدقان بأبي الذي كان فاقدا ً وعيه. يبدو أن الصدمة قوية جدا ً.

دنت أمي من السرير وانحنت فوق أبي تقبله... ثم أجهشت بالبكاء؛ وهكذا فعلت أنا. راح جميل يدعونا الى الصبر شارحا ً أنه لا فائدة من البكاء بل لا يجوز أن نبكي. انما يجب أن نشكر الله ونحمده. الحادث كان خطيرا ً جدا ً. السيارة تحطمت شر تحطيم. لقد نجأ أبي من الموت بأعجوبة...

كيف حدث ذلك يا عمو جميل؟؟

- روى بعض الشهود أن سيارة مسرعة كانت تتجاوز سيا رة أخرى على منعطف ضيق. فوجىء أبوك بها وأصبح بين خيارين: اما أن يصدم السيارة، أو أن يهرب يمينا ً نحو حافة الطريق. وما ان انحرف يمينا ً حتى اصطدم بشجرة كبيرة وانقلبت السيارة عدة مرات قبل أن تستقر تحت حافة الطريق.
- مجرم سائق تلك السيارة، مجرم كل من يخالف القانون. ألا يعلم هؤلاء أنهم يعرضون حياة الناس للخطر؟ يجب أن تكون العقوبات قاسية ً قاسية. يجب أن يدفعوا ثمن طيشهم وأنانيتهم.
- ا تصرخ هكذا يا كمال... أنسيت أنك في المستشفى؟
- عفوا ً... عفوا ً... صحيح، لا يجوز أن نتكلم بصوت عال في المستشفى. المرضى بحاجة الى الراحة... ودخل... الطبيب بلباسه الأبيض ومعه مساعده والممرضة. تقدمت أمي وعرفت بنفسها، ثم خرجنا جميعا ً من الغرفة بناء على طلب الطبيب الذي وعد بشرح حالة أبي الصحية بعد اجراء الفحص. ومرت دقائق حسبناها أياما ً. ثم خرج الطبيب باسما ً مرددا ً:

- خير ان شاء الله. هو يسير من حسن الى حسن: النزيف توقف، الضغط ارتفع، وقلبه يعمل بانتظام. سأعود مرة ثانية في المساء. خير ان شاء الله.
- شكرا ً... وفقك الله وأطال عمرك.
- لا شكر على واجب، سيدتي. أمامنا، بعد، ثمان وأربعون ساعة ً ويزول الخطر كليا ً.
- يومان؟! علينا أن ننتظر بعد يومين! أيعني كلامك هذا أن حالته خطرة؟

نظر الطبيب الي ثم أمسكني جميل بيدي ودخلنا الغرفة بينما بقي الطبيب يشرح لأمي حالة أبي. عندئذ فهمت أن الأمر خطير. لكنني قررت أن أكون رابط الجأش، هادئا ً كي لا أزيد أمي هما وحزنا ً. .

هكذا بقينا في المستشفى بين الأمل واليأس، بين الحزن والفرح، بين البكاء والابتسام... كان كل منا يحاول أن يخفي عن الآخر حزنه ويأسه وبكاءه. ويحاول أن يعبر عن الأمل والارتياح فيبتسم ويتظاهر بالاطمئنان.

آه! ما أصعب تلك الساعات. أبي الذي أحبه قدر الدنيا كلها، أبي الذي رباني وتعب من أجلي، ممدد أمامي بلا حراك يصارع الموت. رباه أشفق علينا. رباه ساعدنا. لا تحرمني أبي. حرام عليك أن أعيش يتيما ً بلا أب...

وكانت أمي، بين الحين والآخر، تقترب من السرير وتنادي أبي بصوت خافت متقطع وهي تمسح العرق عن جبينه، فأقترب أنا منهما علني أسمع صوته أو أرى عينيه تتحركان... ولكن... دون جدوى. عندها كنت أشعر وكأن أحدا ً يشد على عنقي فأكاد أختنق لولا بعض الدموع تذرفها عيناي غصبا ً عني.

طبعا ً زارنا الكثيرون من الأقارب والأصحاب. أرسل بعضهم باقات من الزهر وحمل البعض الآخر علب الحلوى والشوكولا. كم كان يزعجني بل يثير غضبي بعض هؤلاء الزائرين، كانوا يصرون على دخول غرفة أبي، ويطرحون على أمي عشرات الأسئلة. وبدل أن يزرعوا الأمل في قلبها كانوا، بثرثرتهم، يزيدونها حزنا ً وتشاؤما ً.

أما جميل فلم يفارقنا أبدا ً. كان حاضرا ً لكل خدمة وتضحية. ترك عمله وضحى بماله وصحته من أجل أعز أصدقائه: أبي... وكلما حاولت أمي أن تشكره قاطعها قائلا ً: "الصديق عند الضيق". أنا لست هنا لأقوم بواجب أشكر عليه. انما هي الصداقة تدفعني الى ذلك. زوجك، أحب الي من أخي، انه صديقي. وهل نجد في كل يوم صديقا ً؟؟ شفاه الله وأبقاه لنا خير زوج وأب وصديق. ثم يغمرني ويروح يداعب شعري بأصابعه ويطبع على جبيني بعض القبلات. عندها يسود صمت عميق وتكرج على الخدود دمعات ساخنة لست أدري ان كانت دمعات فرح أم دمعات حزن وألم.
... وبعد يومين من القلق والعذاب، خرج الطبيب من غرفة أبي ليعلن بصوت عال: الحمد لله زال الخطر وبدأ يستعيد وعيه. لكن لا تزعجوه ولا تحدثوه. أتركوه يرتاح. الحمد لله على سلامته. ان شاء الله يعود الى البيت في غضون عشرة أيام أو أسبوعين.

وما كاد ينتهي من حديثه حتى ركضت نحو الغرفة وانحنيت فوق رأس أبي أنادي: "أبي، حبيبي. هل تسمعني؟؟؟ هل تسمعني يا أبي"؟

ورويدا ً رويدا ً تحرك جفناه. نظر الي بجهد ثم تحركت شفتاه وارتسمت عليهما أول بسمة... ثم عاد وغاب عن الوعي.

شكرا ً، شكرا ً يا ألله... ورحت أغمر أمي، أضمها الى صدري وأقبلها... أقبلها. وأشدها الي... أشدها. يا لها من لحظات سعيدة لن أنساها طوال حياتي.

تحسنت حال أبي يوما ً بعد يوم وصرنا نتحدث اليه ويخبرنا كيف جرى له الحادث. ونخبره نحن ماذا حدث وقت كان فاقد الوعي.

أخبرته عن جميل الذي أعجبت بمحبته العظيمة. ثم سألته عن سائر أصدقائه وأصحابه الذين تخلفوا عن زيارته أو زاروه دون أن يعرضوا علينا أية مساعدة، وكنت أنا أظنهم أقرب الناس الينا...

رد أبي بكل بساطة وهدوء وقد ترقرقت عيناه بالدمع: "اسمع يا بني. جميل صديق وفي نادر وجوده. أما الباقون فليسوا أصدقائي بل أصدقاء مالي، أصدقاء مصلحتهم.

نظر أبي الي فقرأ في عيني علامة استفهام وتعجب فابتسم وتنهد ثم أوضح:

- هؤلاء يا بني يصادقون الناس من أجل الربح والاستفادة. ألا تجد في المدرسة رفاقا ً لك يصاحبونك ويصادقونك لأنهم بحاجة اليك؟ واذا احتجت أنت الى خدماتهم، اعتذروا وابتعدوا عنك؟
- كفى أبتاه... فهمت. جميل يحبك أنت، غنيا ً كنت أم فقيرا ً. أما الباقون فيحبونك غنيا ً يفيدون من مالك.
- أجل يا بني... وصيتي اليك أن تكون صديقا ً وفيا ً كجميل. وأتمنى أن ينعم عليك الله بصديق محب ً صادق كجميل.
- حقا ً... ان "الصديق عند الضيق".
Sun Jan 08, 2012 6:05 am View user's profile Send private message Send e-mail Visit poster's website
Display posts from previous:    
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
   
Page 1 of 1

 
Jump to: 


 
 
  Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved

Advertise | Terms of use | Credits