Back Home (To the main page)

Souvenirs and books from Lebanon
 

Sections

About us

Contact us

 
 
SearchFAQMemberlistUsergroupsLog in
Condoleezza Rice - Hariri murder

 

 
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
  View previous topic
View next topic
Condoleezza Rice - Hariri murder
Author Message
admin
Site Admin


Joined: 09 Mar 2007
Posts: 529
Location: Jbeil Byblos

Post Condoleezza Rice - Hariri murder Reply with quote
كوندوليزا قتلت الحريري - النفاق الأميريكي - عمران أدهم

كثيرة هي الحقائق التي لم تنشر حتى الآن، حول العمليات السرية للمخابرات الأميركية في المنطقة كما على امتداد العالم، وكثيرة هي الخطط التي وضعتها الادارة الأميركية، بالتعاون مع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، من أجل تفجير الحروب أو تنفيذ التصفيات الجسدية أو تجنيد جيوش المرتزقة في عدد غير قليل من بلدان العالم الثالث لزعزعة الاستقرار هنا وارباك الأنظمة هناك، واشعال فتائل الحروب الأهلية هنا وهناك وهنالك.

ويهمني، في المرحلة الحرجة التي تعيشها المنطقة، أن استعيد بعض هذه الحقائق، استنادا ً الى معلومات جمعتها من مصادر عربية وأوروبية وأميركية، تسمح بقراءة أكثر وضوحا ً للأحداث الدامية التي نشهدها في السنوات الأخيرة، كما تسمح باستشراف أفق المرحلة المقبلة.

الانقلابات، الحروب النفسية، الاغتيالات السياسية، تصفية القيادات، تدبير الانشقاقات ودعم الثورات أو اجهاضها، استبدال دكتاتور بدكتاتور آخر، تكثيف الضغوط الاعلامية... وتنفيذ "الاغتيالات الاقتصادية"، مجرد عناوين في الحرب الارهابية المفتوحة التي تخوضها أجهزة الأمن الأميركية بالتعاون مع الأجهزة الاسرائيلية. في هذه الحرب يتم تجنيد وتسليح جيوش أصولية صغيرة، لتوجيه ضربات قاتلة الى الأنظمة والشعوب.

ولعل أكثر مشاريع المخابرات الأميركية سرية التحكم بالعقل وتوجهات الرأي العام، وارباك الأنظمة واحراجها كي يسهل التخلص منها، وابتزاز عدد من قيادات الدول النامية. والوقائع التي سوف أسردها في هذا الفصل، كما في الفصول اللاحقة، ليست متداولة الا في دائرة ضيقة جدا ً من دوائر صنع القرار الأميركي. وأسارع الى القول انني لا أسرد الوقائع بشكل انتقائي، ومن منظور سياسي أو طائفي أو ايديولوجي، وانما أسجلها من باب الوفاء للحقيقة، أو ما أعتبر أنه الحقيقة، بأمانة كاملة، علماً أنني آحتفظ بعناية بالمستندات التي رفدتني بالمعلومات والأسرار الكبيرة والصغيرة، وأنا على استعداد كامل للكشف عنها اذا لزم الأمر.

أبدأ بحادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وهي قضية لا تزال مفتوحة في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. جون بيركنز، أحد كبار المسؤولين في المخابرات المركزية الأميركية (قبل تقاعده) روى لي القصة كاملة وأنقل وقائعها على لسانه. قال: ان اتهام سوريا باغتيال الحريري مجرد ذريعة للانتقام من الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كان "يتمرد" على الاملاءات الأميركية، ومن بعده خلفه الرئيس بشار الأسد. في 4 آب 1993، استقبل الرئيس السوري وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر وزير الخارجية الأميركي الذي نقل اليه مجموعة مطالب أبرزها دعم تنفيذ مشروع 17 أيار اللبناني – الاسرائيلي ووقف دعم المقاومة الفلسطينية. مارتن أنديك الموفد الأميركي الى الشرق الأوسط بين عامي 1995 و 2001، خلال ولاية بيل كلينتون، نقل عن هذين اللقاء أن الرئيس الأسد أبلغ الوزير الأميركي ما خلاصته:اذا كان هناك من يعتقد أن السلام في المنطقة ممكن من دون سوريا فهو مخطىء (...) ان الاسرائيليين (في زمن اسحق رابين) تراجعوا عن التزاماتهم (يقصد وديعة رابين) وعرقلوا مشروع السلام بأيديهم (...) لقد كنا معتدلين حتى الآن ولن نكون كذلك بعده.

وفي 16 كانون الثاني 1994 وصل كلينتون سرا ً الى جنيف للقاء الأسد، وعرض عليه ارسال قوات أميركية لحفظ السلام في الجولان، تلبية لحاجات اسرائيل الأمنية. ورفض الأسد الاقتراح مستعرضا ً تاريخ الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا. مؤكدا ً أن على الترتيبات أن تكون متوازنة بين الطرفين على أن يتم الانسحاب السوري الكامل في مرحلة واحدة وخلال عام واحد (رابين كان يريده على ثلاث أو خمس سنوات)، وفشلت مساعي السلام، نتيجة اصرار الرئيس السوري على ثوابته.

القصة تكررت في مطلع العام 2003 عندما وصل وزير الخارجية الأميركي، كولن باول هذه المرة، الى دمشق في 2 أيار من ذلك العام كي "يوضح للرئيس بشار الأسد جليا ً كيف تنظر الولايات المتحدة الى المستجدات في المنطقة". ومما قاله بعد محادثاته: سنراقب الأداء السوري خلال فترة من الزمن كي نرى ما اذا كانت دمشق مستعدة للتحرك في اتجاه جديد بعد رحيل نظام صدام حسين أم لا... وقد حمل باول الى دمشق ثلاثة وثلاثين مطلبا ً تتصل بالعراق وفلسطين ولبنان والأوضاع السورية الداخلية، لكن شيئا ً لم يتغير في مواقف سوريا. وبعد خمسة أشهر من هذه الزيارة انتقلت واشنطن الى خطوة تصعيدية، عندما وافق الكونغرس على "قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية"في 15 تشرين الأول 2003. في تلك الفترة بدأت بوادر تقارب أميركي – فرنسي على لبنان تجسدت في التصويت على القرار 1559 قبل أن يتبناه مجلس الأمن الدولي في 2 أيلول 2004. في مواكبة هذا القرار، وفي مناخات غربية معادية لسوريا، ولد "اعلان دمشق"، واضطر السوريون الى الخروج من لبنان في 26 نيسان 2005، ولم يكن ذلك من قبيل المصادفة.

اللحظة الحاسمة في قرار الانسحاب السوري كانت اغتيال رفيق الحريري الذي ألصقت تهمة تنفيذه بسوريا، في رد مباشر على موقفها المساند للمقاومة اللبنانية ضد اسرائيل والمقاومة العراقية ضد الغزو الأميركي. وقد فبركت المخابرات الأميركية، في حينه، مجموعة ملفات وافتراءات للنظام السوري والأجهزة الأمنية السورية واللبنانية، بصورة خاصة الضباط الأربعة: جميل السيد، مصطفى حمدان، ريمون عازار وعلي الحاج، بتهمة التواطؤ في عملية الاغتيال، بالتعاون والتنسيق مع المخابرات السورية علما ً أنهم لم يكونوا على علاقة جيدة بعضهم بالبعض الآخر. وكان لا بد من تسويق اتهامات ملفقة ضد الرئيس أميل لحود، بسبب علاقته الممتازة بسوريا، وبسبب صدقه وعناده ومواقفه الوطنية، وقد لعبت أطراف اعلامية عربية وغربية دورا في هذا التلفيق.

أضاف محدثي: الصاروخ الصغير الحجم الذي أطلق من البحر، في اتجاه موكب الرئيس رفيق الحريري، كان يحتوي على الأورانيوم المخصب، وهو ذو قوة تدميرية شديدة، وهذا النوع من الصواريخ لا تملكه الا الولايات المتحدة والمانيا واسرائيل. والمسؤول عن حماية موكب الحريري كان يعرف جيدا ً "ساعة الصفر"، ولأنه كان يعرف فقد امتنع عن مرافقته عندما كان يستعد للانتقال من مجلس النواب الى دارته في قريطم، بل انه هو الذي اشار على الموكب بسلوك الطريق البحري في طريق العودة. ويذكرني ذلك باغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة "حماس"، لأن اسرائيل استعانت في اغتياله بارشادات مرافقيه، أي المولجين مباشرة بحمايته. يومها قصفت اسرائيل من الجو سيارة ياسين وتجنبت قصف السيارتين اللتين كانت تسيران في اتجاهين آخرين على سبيل التمويه.

وبشيء من التفصيل قال بيركنز: ان القمار الأميركية والاسرائيلية صورت عملية الاغتيال. اضافة الى طائرة هليكوبتر اسرائيلية كانت في الجو في محاذاة الشاطىء اللبناني، تراقب سير العملية. وقد رفضت الادارة الأميركية أن تتولى لجنة تحقيق لبنانية التحقيق في العملية. وفي تلفيق التهم تم اختيار المحقق الألماني ديتليف ميليس كي يرأس "لجنة تحقيق دولية" وافق على تشكيلها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان. ميليس سبق أن ألصق، بطلب من ال CIA، تهمة تفجير ملهى لابيل في برلين (1986) بالمخابرات الليبية، وقد قتل فيه يومذاك جنديان أميركيان وامرأة تركية، واصيب أكثر من مئتين بجروح.
وأضاف الرجل: هذا التفجير الذي اتهم القذافي بتدبيره، كان بداية البداية في خطة القضاء على الزعيم الليبي. ولأن ميليس كان مخلصا ً لأسياده، تم اختياره كي يعمل بارشادات جيفري فيلتمان السفير الأميركي السابق في لبنان، (2004-2008)، ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في المرحلة الأخيرة، وقد كان يغدق عليه الأموال كي يواصل تحقيقاته المزيفة، بالتعاون مع غيرهارد ليمان (نائب رئيس لجنة التحقيق الدولية) وهو عميل مزدوج للمخابرات الأميركية والاسرائيلية. وبالمناسبة أقول (والكلام لبيركنز) ان سيارة الحريري كانت مزودة بأجهزة رصد تقنية متقدمة لا تستطيع أي دولة - باستثناء الولايات المتحدة واسرائيل - تعطيلها. مهمة التعطيل هذه أوكلت الى الباخرة الاسرائيلية التي كانت ترابط على حدود المياه الاقليمية اللبنانية، تساندها من الجو طائرة "أواكس" أميركية وهليكوبتر اسرائيلية. أما الضباط اللبنانيون الأربعة فلم يكونوا شركاء في العملية وانما مجرد متهمين ظلما ً. هؤلاء الضباط أمضوا أربع سنوات في سجن رومية اللبناني الشهير بقرار أميركي - اسرائيلي استنادا ً الى اتهامات ملفقة.

أفتح هنا مزدوجين كي أشير الى أن ليمان، شريك ميليس في التحقيق، سجل في كانون الثاني من العام 2006، ملاحظاته على عمل لجنة التحقيق والثغرات التي شابت أداءها، مركزا ً على النقاط الآتية:

أولا ً: أن المجتمع الدولي لم يراع حقيقة أن السلطات السياسية اللبنانية تقودها شخصيات معادية للنظام السوري، وهذه الشخصيات تدعم أي تحقيق موجه ضد سوريا.

ثانيا ً: لقد تخطت لجنة التحقيق صدور مذكرة التفاهم الموقعة مع لبنان، وعملت على توجيه التحقيق والتقدم به، علما ً أنه كان يفترض ترك هذا الأمر للسلطات القضائية اللبنانية.

ثالثا ً: لقد تولى مكتب المدعي العام اللبناني التحقيقات، بدلا ً من قاضي التحقيق، وهذا أمر مخالف للقانون اللبناني والدولي معا ً، لأن الادعاء طرف في القضية، ويمكنه أن يقدم بعض الآراء، لكن ليس من حقه ادارة التحقيق. وأرى أن تخطي الادعاء صلاحياته وسلطاته يعد فشلا ً في التحقيق من جانب لبنان، الأمر الذي ينطوي على عواقب قانونية أمام المحكمة الدولية.

رابعا ً: لقد أخذت لجنة التحقيق في الاعتبار حصرا ً الشهود والمصادر الذين صوبوا افاداتهم في اتجاه تورط سوريا وتورط الضباط الأربعة، وكانت هذه الافادات تخدم بقوة المنحى الذي يسير فيه التحقيق في اتجاه اتهام سوريا.

خامسا ً: ان الشهود الأساسيين الذين حضروا الى التحقيق هم شخصيات سياسية موالية للحريري، ومعادية لسوريا، كذلك فان لجنة التحقيق أقامت حلفا ً عريضا ً مع الأطراف السياسية المعارضة لسوريا، بينما كان يفترض باللجنة اقامة علاقات مع جميع الأطراف.

سادسا ً: لقد أخذت لجنة التحقيق التسلسل الزمني للأحداث، بما يقود الى اتجاه واحد وهو توريط النظام السوري. ولأن التحقيق توجه منذ البداية في اتجاه توريط سوريا، فان اللجنة لم تأخذ في الاعتبار كل المفهوم السياسي في الدولة اللبنانية، وبطريقة ما أهملت كل العلاقات وكل المعلومات المتوافرة من جانب القوى المعادية للحريري.

سابعا ً: لتحقيق هدف اقناع الشعب اللبناني بعملها، اعتمدت اللجنة على التأثير السياسي بدلا ً من الاعتماد على الأدلة، ثم ان كل اجراءات عمل لجنة التحقيق، وكل التحقيقات، لم تخضع لأي مراقبة من جانب أي مسؤول لبناني، ولا من جانب أي سلطة دولية.
ثامنا ً: لقد أوقف مشتبه فيهم من دون أسباب أو أدلة متعلقة بالتحقيق في جريمة اغتيال الحريري. على سبيل المثال، وفي ما خص اللواء علي الحاج، لم يكن لدينا أي دليل قوي أو مباشر يدل، ولو في الحد الأدنى، على معرفته أو تورطه في عملية الاغتيال. ثم ان الشهادات الأساسية تعد جوفاء، وقد أظهرت فحوصات الحمض النووي السلبية كذب زهير الصديق، كذلك سقطت صدقية افادة الكثير من الشهود الآخرين.

تاسعا ً: لقد بدا واضحا ً أن التعاون الذي قام مع اللجنة، من جانب مختلف أجهزة الاستخبارات الأجنبية، جرى على خلفية محاصرة النظام السوري وحسب، لكننا في لجنة التحقيق لم نأخذ هذا الأمر في الاعتبار.

باختصار، ميليس كان متواطئا ً، وقد سجل العالم كله، في وقت لاحق، اعترافات انطونيو كاسيزي، أحد أبرز رجالات المحاكم الدولية الاستثنائية، وخلاصتها أنه ترأس المحكمة الخاصة بلبنان "في ظروف صعبة" في العام 2009، وكان التحدي الأبرز الذي واجهه هو فصل السياسة عن القضاء في أداء هذه المحكمة بالذات، ومما قاله "أشعر أخلاقيا ً بأنني أعاني ازدواجية وأنني أتخبط لأننا نقوم بعدالة انتقائية" في غياب التفاهم الدولي على تعريف الارهاب. وهذا الغياب يحول الارهاب الى قضية سياسية خلافية تمثل عقبة أمام المحاكمات العادلة، الأمر الذي ينطبق على المقاومات اللبنانية والفلسطينية والعراقية والأفغانية. واذا نحن حاكمنا المناضلين داخل هذه المقاومات كارهابيين، فان علينا أن نعتبر المقاومين الفرنسيين وعلى راسهم الجنرال ديغول، ارهابيين أيضا ً، علما ً أن الجنرال ناضل من أجل تحرير فرنسا، وكذلك كل من ناضل ضد الاستغلال والاحتلال". يضيف كاسيزي "ان اتهام سوريا باغتيال الحريري مطلب أميركي اسرائيلي يحتاج الى اثباتات، والبدعة التي مارستها المحكمة الدولية، أنها ركزت على الاتهامات التي صاغها ديتليف ميليس من أجل اتهام سوريا من دون أي اثباتات، ثم تحولت الى اتهام "حزب الله" وفبركت أدلة بديلة الامر الذي يفقدها مصداقيتها. وتساءل: ألا يفترض بالللبنانيين والعرب جميعا ً أن يدركوا أن الولايات المتحدة واسرائيل تلعبان بهم كيفما تشاءان، وأنه لو كانت الولايات المتحدة تبحث عن الحقيقة لكان الأجدر بها أن تنشر الحقيقة في اغتيال جون كينيدي ومارتن لوثر كينغ وسلفادور الليندي، وأخيرا ً صدام حسين ومعمر القذافي الذي ألقي القبض عليه حيا ، وكان في الامكان محاكمته، لكن خشية واشنطن وباريس ولندن من هذه المحاكمة دفعت هيلاري كلينتون الى المطالبة بتصفيته لأنه كان يعرف الكثير، الأمر الذي تكرر مع أسامة بن لادن.

أعود الى اغتيال الحريري، على لسان بيركنز اياه، لأتوقف عند ما قاله المحقق السويدي في طاقم المحكمة الدولية بو أستروم، وهو كبير المحققين ونائب رئيس فريق التحقيق، من أن الاسرائيليين والأميركيين رفضوا تزويد التحقيق بالصور التي التقطتها الأقمار، يحمل دلالات مهمة على أن واشنطن لا تريد الاسهام في كشف الحقيقة. لقد اكتفت الحكومة الأميركية بالقول ان "مشاكل تقنية حصلت خلال فترة اغتيال الحريري ولهذا السبب لم نحصل على أي معلومات حيوية"، ولعل الأمر مجرد سياسة. ويؤكد بو أستروم: صباح 14 شباط كان معروفا ً أن الحريري سيكون في مجلس النواب، وكان معلوما ً أيضا ً أنه سوف يقيم مأدبة غداء في قصر قريطم، وكان هناك ثلاثة ممرات يمكن أن يسلكها في طريق العودة الى منزله، والشخص الذي يقرر الطريق، والذي كان مسؤولا ً عن التفاصيل الأمنية في حمايته، هو وسام الحسن. ثم أنه كان يفترض أن يكون الحسن في موكب العودة، الا أنه في اللحظة الأخيرة تخلف، وقال لمساعده أنه يتعين عليه الذهاب الى مستشفى الجامعة الأميركية لاجراء فحوصات، وشدد في الوقت نفسه على مساعده، قبل انطلاق الموكب، أن عليه اختيار طريق ميناء الحصن. هذه المعلومات مصدرها وسام الحسن نفسه، وهو الوحيد الذي كان يعرف أي طريق سوف يسلك الموكب، ولا يمكن أن يكون هذا كله فعل مصادفة.

يضيف المحقق السويدي: عندما استوضحنا الحسن الأمر قال انه ذهب الى الجامعة وأنه عرف بنبأ الاغتيال في وقت متأخر لأن هاتفه كان مغلقا ً، علما ً أنه لم يعط الدليل على أنه كان في الجامعة، وقد أجرى عشرات المكالمات في ذلك الصباح، ثم أنه لم يحصل أن تخلى عن مهماته الأمنية في اللحظة الأخيرة، وكانت تلك المرة الوحيدة التي يترك فيها الموكب.

هذا الى أن يصل الى القول: بعد اغتيال الحريري تم اغتيال الحسن، ونملك لائحة من الأسماء التي ترغب في رؤيته ميتا ً، وأعتقد أنه تلقى تهديدات قبل أن يقضي في ذلك الانفجار، وعلينا أن نجري استقصاء أكثر دقة في هذه المسألة.

نصل الى السؤال المفصلي: ما هي الاعتبارات التي دفعت الولايات المتحدة واسرائيل الى اعداد عملية مشتركة لاغتيال رفيق الحريري؟

ما لم يقله بيركنز في عرض ملابسات العملية، شرحه لي ببعض التفصيل دافيد وين، المسؤول الآخر في ال CIA طوال السنوات الثماني الأخيرة على امتداد ال (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، علما ً أنه ظل في موقعه حتى آخر أيار 2014.

قال لي وين ان أسبابا ً عدة تجمعت وأدت في النهاية الى اتخاذ القرار، وأبرز هذه الأسباب اقتناع اسرائيل بان الحريري حجر عثرة في وجه خططها الاقتصادية والسياسية على السواء، وبأنه شخصية عربية قوية تتمتع بحضور مؤثر على المستويين الاقليمي والدولي. لقد نسج الرجل شبكة علاقات بالغة الأهمية، عربيا ً وأوروبيا ً وأميركيا ً، وظفها في مساندة المقاومة ومساندة سوريا، كما وظفها في خدمة لبنان وتعزيز دوره المالي والاقتصادي كقطب جاذب للرساميل والاستثمارات الخليجية. وما حصل عقب الاكتشاتفات النفطية الأخيرة، ان لجنة أمنية – سياسية نبهت الحكومة الاسرائيلية الى أن وجود الحريري في الحكم سوف يتسبب بمتاعب لاسرائيل، خصوصا ً في عملية ترسيم الحدود بين قبرص ولبنان، الأمر الذي يضع الدولة العبرية أمام ما يشبه "الأمر الواقع" في ما يتعلق بحجم ثروتها النفطية والغازية؟ وقد ورد في التقرير بالحرف الواحد: لا بد من التخلص من هذا الرجل، لأن تطلعاته وطموحاته لا تنسجمان مع تطلعاتنا وطموحاتنا ونظرتنا الى مستقبل المنطقة ودور اسرائيل في المدى الاقليمي. ثم انه أعاد بناء بيروت والوسط التجاري المهدم، بشكل حضاري لافت، الأمر الذي استقطب رساميل خليجية وغير خليجية، فضلا ً عن أنه عزز دور لبنان المالي والمصرفي، الأمر الذي يعيق تنفيذ الخطط الاسرائيلية في المنطقة.

الاعتبار الآخر الذي كان يزعج اسرائيل بقوة هو أن الحريري استطاع تسويق "حزب الله" كحركة تحرير ومقاومة ضد الاحتلال، والأمر هنا خطير جدا ً لأن هذا التسويق يشكل عقبة كبرى في وجه أي هجمة اسرائيلية جديدة على الحزب لتدمير بنيته التحتية، على أساس أنه "حركة ارهابية" . نظرة الحريري الى "حزب الله" كانت تعيق المشروع الاسرائيلي في معظم جوانبه وتربك الخطط الأمنية الاسرائلية للتخلص من المقاومة. والتقارير الدبلوماسية التي تتلقاها وزارة الخارجية من السفارات الاءسرائيلية في أوروبا كانت تؤكد ان النظرة الأوروبية، وفي بعض الحالات الأميركية أيضا ً، لم تعد تسلم بالذرائع الاسرائيلية، والحجج التي تتذرع بها الحكومة الاسرائيلية لتغطية الضربات الانتقامية التي تنفذها ضد المقاومتين اللبنانية والفلسطينية. هذه التقارير كانت تجمع على أن الحريري "يحقق انتصارات دبلوماسية ولا بد من تصفيته لأن باعه باتت طويلة عربيا ً ودوليا ً".

بهذا المعنى يمكن القول ان "انجازات" الحريري كانت حاضرة بصورة دائمة في الاجتماعات التي تعقدها الحكومة الاسرائيلية المصغرة برئاسة أرييل شارون، وفي هذا الصدد يقول ديفيد وين: المشاورات التي كانت تجري بين أعضاء هذه الحكومة التي تعتبر المصدر الأساسي لكل القرارات الاسرائيلية الكبرى، أدت الى اقتناع متزايد بأن بقاء الحريري على قيد الحياة يشكل خطرا ً حقيقيا ً على مطامع اسرائيل المستقبلية، لكن أي قرار باغتياله يفترض أن يأخذ في الاعتبار التداعيات السياسية المحتملة لأن العلاقات التي نسجها عربيا ً واسلاميا ً ودوليا ً بالغة التأثير. وطوال أسابيع عدة كان رئيس الوزراء الاسرائيلي يتشاور مع القيادات الأمنية في الصيغة الفضلى لتصفية الحريري من دون الحاق الضرر باسرائيل، وبعد مداولات طالت استقر الرأي على اغتيال الرجل في بلد أوروبي أو عربي، لكن خبراء "الموساد" رفضوا هذا التوجه لأنه قد يرتب عواقب وخيمة على اسرائيل. هنا اقترح رئيس الوزراء أرييل شارون استبدال كل الخطط الموضوعة بخطة تقضي بتنفيذ العملية الحريري داخل بيروت وبذلك تصيب اسرائيل عصفورين بحجر واحد: التخلص من الرجل والتأسيس لصراع داخلي طويل في لبنان بين أنصار الحريري من جهة ومؤيدي سوريا و"حزب الله" من جهة أخرى، ما يؤدي الى انسحاب القوات السورية في نهاية المطاف، ومذهبة الصراع السياسي الداخلي.

في خلال أيام قليلة، يضيف وين، وضعت خطة بديلة ثم رفعها الى الحكومة المصغرة في أواخر العام 2004، وفي أثناء مناقشة هذا الخطة تم تنبيه الحكومة الى أن الحريري يستعين في تأمين حمايته الشخصية بأجهزة الكترونية متطورة، يتطلب تعطيلها مساعدة أميركية وتعاونا ً من الدائرة المقربة منه، من أجل ضمان نجاح العملية. وعندما قدمت اسرائيل الى الدوائر الأميركية المختصة اقتراحا ً يقضي بالتعاون مع الأجهزة الأميركية في تنفيذ العملية، بكل حيثياته الأمنية والاستراتيجية، وافقت ال CIA على هذا الاقتراح. وعندما حملت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الى الرئيس جورج بوش، ناقش بوش المسألة مع نائبه ديك تشيني، ثم اتصل بوالده جورج بوش الأب يستمزجه رأيه في القرار. وما حصل أن بوش الأب اعترض على العملية وقال: ان الفائدة من هذا الاغتيال محدودة لكن عواقبها كبيرة، وبالحرف الواحد قال الأب للابن: ان تصفية الحريري سوف تخلق مشاكل مع جهات عدة، بدءا ً بالرئيس الفرنسي جاك شيراك والملك فهد بن عبد العزيز وولي عهده القوي عبد الله، وقادة عرب وأوروبيين آخرين... عندها رفض جورج دبليو بوش اشراك بلاده في العملية ونصح الاسرائيليين بالعدول عنها.

عندما تلقت اسرائيل الرفض الأميركي اتصل أرييل شارون بكوندليزا رايس بقصد اقناعها بمدى خطورة الحريري على مخططات اسرائيل النفطية والأمنية، لأنه على علاقة حميمة ب "حزب الله". ومما قاله: نحن لا نزال ندرس الاجراءات العسكرية الممكنة لضرب بنية "حزب الله"، لكن الحريري يتصدى لهذا المسعى. انه يعرقل مشاريعنا الأمنية والاقتصادية ولا بد من ازاحته. لا بد هنا من اشارة الى أنه من السذاجة القول بأن الحرب الاسرائيلية على لبنان في العام 2006 كان سببها خطف الجنديين الاسرائيليين من قبل "حزب الله" لأن الخطة كانت جاهزة منذ العام 2004 وتنفيذها كان ينتظر التوقيت المناسب.

أعود الى الاغتيال. بعد المكالمة الهاتفية الطويلة بين شارون ورايس وعدت رايس بالحصول على موافقة الرئيس الأميركي ونائبه ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع وليون بانيتا بصفته مستشارا ً أمنيا ً. وعندما رتبت وزيرة الخارجية هذا اللقاء الرباعي أعيد فتح ملف الاغتيال، فقال تشيني: ان الملك فهد وولي عهده (رجل القرار في تلك المرحلة) لا تربطهما علاقة جيدة بالحريري وتصفيته لن تثير مشكلة مع المملكة. وأضاف: ان فهد لا يستسيغ كثيرا ً علاقات شقيقه الملك بالحريري، وبصورة خاصة على المستوى المالي، ويمكن امتصاص غضبه واحتواء رد فعله اذا حصل. أما شيراك فيمكن اقناعه - سواء نجحت العملية أو فشلت - بأن سوريا التي تمسك كل الخيوط في لبنان هي التي نفذت الاغتيال، ويمكن اعداد اخراج ملائم لهذا الاقناع. أما ردود الفعل العربية والأوروبية الأخرى فليست ذات قيمة ولن تؤثر على مصالحنا في المنطقة،علما ً ان اسرائيل تمكنت من احتواء ردود الفعل التي حصلت بعد الاغتيالات التي نفذتها في العالم العربي، وهكذا تم اقناع الرئيس بوش بجدوى العملية بعد شرح كامل للخطة استغرق أكثر من ثمانين دقيقة.

عقب الاجتماع سارعت رايس الى الاتصال بتل أبيب لتبلغ شارون انها استطاعت اقناع الرئيس بالحجج الاسرائيلية، وأنه تم ايعاز الى ال CIA بوضع امكاناتها كاملة في تصرف "الموساد" لمساعدة اسرائيل في التنفيذ لضمان نجاح كل المراحل. وهكذا كان: عطلت التكنولوجيا الأميركية - الاسرائيلية المتقدمة أجهزة المراقبة والرصد والتحكم التي زودت بها سيارات موكب الحريري، قبل أن ينطلق صاروخ صغير يحتوي على الأورانيوم الشديد الانفجار، بتوجيه من القمار الصناعية الأميركية، التي كانت ترصد لحظة فلحظة موكب الحريري وتحول معلوماتها الى السفينة الاسرائيلية الراسية في موازاة المياه الاقليمية. بعد التنفيذ انطلقت حملة اعلامية لتضليل التحقيق، في محاولة لاقناع جاك شيراك بأن سوريا تقف وراء الاغتيال، وكان سهلا ً اقناع الرئيس الفرنسي الذي نقل فيما بعد انطباعاته الى أسرة الشهيد عنما زار آل الحريري ترافقه عقيلته في بيروت. وهكذا بدأ اللبنانيون يتقاذفون التهم، وعوضا ً عن الالتفاف حول الأسرة بدوافع وطنية، والمطالبة بتحقيق لبناني باشراف قضاة لبنانيين نزيهين، تم اللجوء الى الأمم المتحدة، بتسهيلات أميركية للمطالبة بتحقيق دولي، باشراف أميركي في نهاية المطاف، كي يتم قطع الطريق أمام أي تحقيق آخر. وبعد تسع سنوات على بدء التحقيق الدولي الذي رصدت له موازنة ضخمة يتحمل لبنان 49 في المئة منها، لم تظهر الحقيقة ولا الخيوط الأولى لما يفترض أنه "الحقيقة".

يتابع وين: أما الضباط الأربعة الذين سجنوا لأكثر من أربع سنوات، من دون مبرر، فقد ذهبوا ضحية التواطؤ الأميركي - الاسرائيلي، لأنه لو قدر لمحكمة لبنانية أن تتولى التحقيق لكانت اكتشفت، منذ اليوم الأول، حقيقة ما حدث، ولما كانت اسرائيل وظفت اتهام سوريا ومن بعدها "حزب الله" في تنفيذ المزيد من الاغتيالات اللبنانية، ولما كانت قوى 14 آذار تحصر كل اتهاماتها بسوريا و"حزب الله".

هذا كلام وين بعد كلام بيركنز، وأقول بصدق انني لا أسرده دفاعا ً عن النظام السوري، ولا تربطني بهذا النظام أي مصلحة سياسية أو اقتصادية، وأميل الى الاعتقاد بأنني من الأشخاص "غير المرغوب فيهم" في سوريا خلال هذه المرحلة، من دون أن أعرف مبررات هذا الجفاء. كل ما في الأمر أنني حزين لما آلت اليه أحوالنا وأحوال سوريا تحديدا ً من دمار وسفك دماء، وأناشد اخواني السوريين جميعا ً الجلوس الى طاولة حوار لوقف النزف وبناء المستقبل، لأن المستفيد الوحيد من هذه الكارثة هو اسرائيل. كما أنني أناشد اللبنانيين العمل على التصالح مع سوريا لانقاذ لبنان وسوريا معا ً من المحنة لأن الطبيعة التركيبة اللبنانية لا تحتمل الأعداد الهائلة من النازحين السوريين، التي تشكل تهديدا ً مباشرا ً للأمن اللبناني ومرتكزاته الاقتصادية. انني مؤمن بحكمة الرئيس نبيه بري ووعي الوزير سليمان فرنجية، في السعي الى هذه المصالحة، كما أناشد الشيخ سعد الحريري المساعدة في تقريب وجهات النظر وردم الفجوة بين البلدين لأن الأمم المتحدة باتت مؤسسة أميركية - اسرائيلية، ولأن مجلس الأمن دخل مرحلة الشلل شبه الكامل والحل الوحيد هو أن نتضامن حكومات وشعوبا ً لانقاذ بلادنا وكراماتنا قبل أن يفوت الأوان.
Mon Oct 20, 2014 8:14 am View user's profile Send private message Send e-mail Visit poster's website
Display posts from previous:    
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
   
Page 1 of 1

 
Jump to: 


 
 
  Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved

Advertise | Terms of use | Credits