Back Home (To the main page)

Souvenirs and books from Lebanon
 

Sections

About us

Contact us

 
 
SearchFAQMemberlistUsergroupsLog in
Father priest Salim Daccache

 

 
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
  View previous topic
View next topic
Father priest Salim Daccache
Author Message
admin
Site Admin


Joined: 09 Mar 2007
Posts: 529
Location: Jbeil Byblos

Post Father priest Salim Daccache Reply with quote
الأب سليم الدكاش - التكريم الرابع لأعلام من كسروان الفتوح

ولد في البوار فتوح كسروان في العام 1950. تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة راهبات العائلة المقدسة المارونيات في العقيبه، ومنها انتقل في العام 1960 الى اكليريكية مار مارون للآباء اليسوعيين في غزير، حيث انهى دراسته الثانوية في العام 1969.

انتسب الى جامعة القديس يوسف في بيروت، وفي الوقت نفسه، مارس الصحافة كمساعد لمدير التحرير في جريدة لسان الحال، ما بين سنتي 1970و1974. وحاز خلال تلك الفترة على دبلوم في العلوم السياسية وعلى اجازة في الفلسفة في العام 1973.

في العام 1975، دخل الرهبانية اليسوعية كراهب مبتدىء في المنية في مصر. وبعد عامين توجه الى فرنسا لمتابعة تحصيله الجامعي.

رقي الى درجة الكهنوت في 9 نيسان 1983. وفي العام التالي، حاز على الماجستير في اللاهوت والفلسفة وعلى دبلوم من مؤسسة الدراسات العليا التطبيقية في جامعة السوربون حول موضوع: "التصوف الاسلامي والروحانية السريانية".

عاد الى لبنان في العام 1985، ليبدأ التعليم في جامعة القديس يوسف في بيروت متنقلا بين كلية العلوم الدينية التي أصبح عميدها في ما بعد، ومعهد الدراسات الدينية العالي، ومعهد العلوم الشرقية (الفكر الاسلامي)، كما علم في مدرسة الترجمة في بيروت بين عامي 1986و1991.

سافر في العام 1988 الى فرنسا، ليناقش أطروحته في جامعة السوربون، فنال شهادة الدكتوراه في الفلسفة، حول موضوع: "قضية خلق العالم لدى أبي منصور الماتريدي وسياقها العقلاني والتاريخي"، صدرت لاحقا عن دار المشرق في بيروت.

عين في العام 1989 مديرا للصفوف الثانوية في مدرسة السيدة - الجمهور، للآياء اليسوعيين. وفي 21 نيسان 1991 أبرز نذوره الرهبانية المؤبدة، كما عين في الوقت نفسه رئيسا ً لمدرسة الجمهور، وظل في منصبه حتى العام 2009.

سافر خلال رئاسته للمدرسة الى جامعة ستراسبورغ، حيث قدم أطروحته الثانية، فنال شهادة الدكتوراه في العلوم التربوية حول موضوع: " التعددية المدرسية في لبنان"، وهي دراسة تقارن بين نظامين تربويين، مسيحي واسلامي، وأثرهما في الواقع اللبناني اليوم، وذلك من ناحية الأهداف العامة والغايات والقيم، وستصدر لاحقا عن دار المشرق في بيروت.

في العام 2009 عين الأب الدكاش رئيسا ً لجامعة القديس يوسف في بيروت، فبدأ يعمل جاهدا ً، مجندا ً طاقاته وخبراته الواسعة في سبيل تقدمها ونجاحها.

لم تبعده الهموم الادارية عن متابعة مهماته الأخرى المتعددة الغايات والأهداف، فظل مواظبا على رسالته كأستاذ للفلسفة وللغة السريانية في الجامعة، وعلى ادارة دار المشرق للنشر ورئاسة تحرير المجلة التابعة لها، كما عين نائبا لرئيس اللجنة الادارية لجمعية الكتاب المقدس في لبنان وعضوا ً فعالا ً في لجنة ادارة المدارس التابعة للرهبانية اليسوعية في البقاع.

عرف الأب الدكاش باتقانه لغات عدة قولا ً وكتابة، كما اشتهر بدراساته وابحاثه الاكاديمية القيمة وبتعريبه لمؤلفات كبار اللاهوتيين في الحقول السياسية والدينية والفلسفية.

ومن مؤلفاته المنشورة:

"الطريق الى الفصح"، للأب بطرس كولفنياج اليسوعي، معرب عن الايطالية، بيروت، 1984. "قسم الاسلاميات" في "المنجد في اللغة والاعلام"، طبعة جديدة منقحة، دار المشرق، بيروت، 1986.
"الرسائل الروحية" ليوحنا الدلياتي، معربة عن السريانية، بيروت، 1989.
"قضية الخلق بحسب نصوص الشرق الأدنى القديم"، معربة عن الفرنسية، بيروت، 1994.
"ابو رائطة التكريتي ورسالته في الثالوث الأقدس"، دراسة ونص، دار المشرق، بيروت 1995. "الميامر" ليوحنا الدلياتي، معربة عن السريانية، بيروت 2002.
"ثمار الروح" للكاردينال كارلو ماريا مارتيني، معربة عن الايطالية، بيروت، 2005.
"الحكم الروحية" للكاردينال كارلو ماريا مارتيني، معربة عن الفرنسية، بيروت، 2007.

هذا عدا المقالات والمحاضرات والدراسات التي صدرت في مؤلفات مختلفة بالعربية والفرنسية والانكليزية والايطالية، في حقول التربية، والروحانية السريانية، والفلسفة الأخلاقية والسياسية، والفقه الاسلامي، ولقاء الحضارات، والحوار بين الاديان، والعلاقات الاسلامية المسيحية.

الأب سليم الدكاش، علم كبير من أعلام الرهبانية اليسوعية في الشرق، اختزل سلم المجد برسالة كهنوتية بعيدة الآفاق، واسعة المدارك، لا تنم الا عن سمو أخلاق وطيب عطاء، لتبقى وعدا ً سرمديا ً في خواطر المؤمنين.

الأب سليم الدكاش - اداري رشيد، وتربوي رائد، وعالم بحاثة، ولبناني أصيل
البروفسور هنري العويط نائب رئيس جامعة القديس يوسف للشؤون الاكاديمية


ليست هذه الكلمة خطبة تكريم، ولا هي ترمي الى كيل المديح، بل هي عاطفة تقدير لمنظومة قيم، وخيارات، ومواقف، وانجازات. انها شهادة ً حق في سيرة الأب سليم دكاش ومسيرته، اداريا ً رشيدا ً، وتربويا ً رائدا ً، وعالما ً بحاثة، ولبنانيا ً أصيلا ً.

الاداري الرشيد والتربوي الرائد

أول ما يتبادر الى الذهن، عند ذكر اسم الأب الدكاش، مسيرته المميزة على صعيد الادارة. لن أتناول هنا خبرته الادارية في عالم الصحافة، وقد شغل، وهو بعد في العشرين من عمره، منصب مساعد مدير التحرير في جريدة لسان الحال، ويتولى حاليا ً رئاسة تحرير مجلة المشرق، بل سأقصر حديثي على الادارة التربوية التي مارسها في واحدة من كبريات مؤسساتنا التعليمية، كمسؤول عن الصفوف النهائية في مدرسة سيدة الجمهور، قبل أن يتسلم مقاليد رئاستها طوال ما يناهز عقدين من الزمن، والتي مارسها أيضا ً وما زال، في واحدة من أعرق مؤسساتنا الجامعية، مديرا ً لمعهد الآداب الشرقية، وعميدا ً لكلية العلوم الدينية، فرئيسا ً لجامعة القديس يوسف. ويجمع من قدر لهم أن يعاينوه في هذه المنصب الرفيعة، تلامذة وطلاب وأساتذة وأولياء وخريجون قدامى، على انه يمثل نموذجا ً للريادة في الادارة، ويجسد نمطا ً عصريا ً وديموقراطيا ً في القيادة التربوية. ففي هذا البلد الذي تقترن فيه السلطة، في الغالب الأعم، بالتسلط والشخصانية والارتجال والتفرد في اتخاذ القرارت، أرسى الرئيس الدكاش أسلوبه في الادارة على مفاهيم الخدمة والشراكة والرسالة، وعلى مبادىء الحوكمة الرشيدة وآلياتها.

ولأنه صاحب بصيرة نافذة، ويتحلى بموهبة حسن التمييز، ويعي تمام الوعي جسامة المسؤوليات التي تلقى على عاتق من يعهد اليه بادارة المؤسسات التربوية، أدرك أنه يستحيل عليه أن يكون عليما ً بكل امر، وخبيرا ً في كل مجال، فسعى باستمرار الى استكمال تنشئته وتأهيله، وأولى حسن اختيار معاونيه من أصحاب الكفاءات عنايته الخاصة، وعرف كيف يعمل معهم كفريق متجانس، يتكامل اعضاؤه في تعدد مواهبهم. وعلى ما عرف عنه من واقعية وتواضع، تسلح بالجرأة، بل بالجسارة، في رسم الأهداف الطموحة، وله في هذا الصدد عبارة معبرة: "Rien de grand n'a jamais été accompli sans témérité" وهذا تعريبها ببعض التصرف: "ما من عمل عظيم تم انجازه بغير جرأة وجسارة وشيء من المجازفة". واقترن النهج الذي اختطته في الادارة بوضع الخطط البعيدة المدى، واعتماد التقنيات الحديثة، وتبني سياسة المبادرة والتجديد والابتكار، على جميع الصعد وفي شتى المجالات.

حصل الأب الدكاش في عالم التربية ثقافة عريضة ً وعميقة، وهو واسع الاطلاع على تياراتها ومذاهبها ومدارسها وأعلامها، ولكنه يؤثر الفلسفة التربوية التي صاغ مبادءها اغناطيوس دي لويولا، وهي تمتاز بطابعها الانسانوي، ورؤيتها الشاملة، وتركيزها على تنمية شخصية التلميذ والطالب في أبعادها الجسدية والفكرية والأخلاقية والروحية. وله في تحديد الرؤية التي يعمل بوحيها، والقيم التي يعلي من شانها، والرسالة التي نذر نفسه للقيام بها، كتابات وآراء ومواقف، مسهبة وواضحة. اقراوا، على سبيل المثال لا الحصر، المداخلة التي ألقاها بعنوان: "أيتها المدرسة المسيحية، ما أنت، وما خدمتك؟" وهي نص تأسيسي يصلح لأن يكون بمثابة الشرعة التربوية، يشدد فيه على أهمية "تنشئة الشخص البشري على المعارف، والعلوم، والمهارات، والفنون الحديثة، وعلى النمو فيها حتى بلوغ الامتياز والجودة القصوى"، تشديده على أهمية أن يعي" الانسان معنى حياته ووجوده كمؤمن". ولعله بالامكان اختصار تصوره التربوي بهذا الاقتباس: "انفتاح ثقافي وعلمي مسؤول على عالم الحداثة، في اطار الترسخ في تقاليدنا وتراثاتنا الايمانية المشرقية، وتجذر في الأرض".

ولئن كان هذا التصور يعني جميع أفراد الأسرة التربوية، فانه يتوجه بصورة خاصة وأساسية الى التلامذة والطلاب. والأب الدكاش يولي تنشئتهم واعدادهم عنايته البالغة، لأنه يعول على طاقاتهم الابداعية الخلاقة، ويؤمن بأهليتهم لتحقيق الاصلاح والنهضة، ولاحداث التغيير المنشود في العقليات والتشريعات والأنظمة والبنى، ولتكوين مجتمع معافى ً، واعادة بناء الوطن - الرسالة. وهو القائل: "فالمدرسة المسيحية التي تشارك في اعداد المواطن اللبناني الصالح، هي خادمة لفقرائه قبل أغنيائه، وهي خادمة لتعزيز كل العناصر الروحية والتاريخية والثقافية والتراثية التي من شأنها اعادة الروح الى الوطن". وها هو، على خطى من سبقوه، يشرع أحرام جامعة القديس يوسف، كما شرع أبواب مدرسة سيدة الجمهور، لاستقبال تلامذة وطلاب، تتنوع عقائدهم الدينية، وتتباين انتماءاتهم السياسية، وتتفاوت أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، لاقتناعه الوطيد بان المؤسسة التي يديرها هي مساحة تلاق وتلاقح، وحوار وتفاعل، ومختبر للعيش المشترك، وبأنها في خدمة لبنان، كل لبنان، وجميع اللبنانيين.

العالم البحاثة

وفضلا ً عن تمتع الأب الدكاش بالمواهب الادارية التي استعرضنا بعضا ً من جوانبها وتجلياتها، تجسدت فيه مجموعة من المزايا التي تثير فيك الاعجاب، وتحملك على تقدير صاحبها واحترامه، وفي طليعتها امتلاكه مؤهلات العالم البحاثة وصفاته. ولئن اشتهر في اوساط الرأي العام المحلي كرئيس ناجح لمدرسة سيدة الجمهور، وما فتىء يقدم الدليل تلو الآخر على أن ولايته كرئيس لجامعة القديس يوسف ستحله في مصاف أسلافه الكبار، فانه اقتطع لنفسه منزلة رفيعة في أوساط أهل الاختصاص، على الصعيدين اللبناني والدولي، بفضل الدراسات القيمة التي أغنى بها المكتبة الفلسفية واللاهوتية والتربوية، والتي كرسته مرجعا ً وحجة ً في هذه الميادين.

للأب الدكاش سجل زاخر بالدروس الجامعية التي أنجزها بتفوق، في لبنان وباريس وستراسبورغ، وبالشهادات العليا التي راكمها، وأولها الدبلوم في العلوم السياسية الذي ناله عام 1972، فالاجازة في الفلسفة، فالماجستير في الفلسفة واللاهوت، ودبلوم معهد الدراسات العليا التطبيقية في التصوف الاسلامي والروحانية السريانية، ثم الدكتوراه في الفلسفة. ولا شك في أن هذه المسيرة الأكاديمية الحافلة التي توجها في أواخر العام 2010 بالدكتوراه في العلوم التربوية، قد زودته بذخيرة غنية من المعارف والكفاءات، وأكسبته عدة ً منهجية ونقدية ً مكينة، وأهلته لأن يغدو باحثا ً رصينا ً ومؤلفا ً مرموقا ً.

وأهله تضلعه من لغة الضاد، واجادته، فضلا ً عن السريانية واللاتينية، مروحة ً واسعة ً من اللغات الجنبية، لتعريب مجموعة من المؤلفات، أذكر منها كتابي "الرسائل الروحية" و"الميامر" ليوحنا الدلياتي، و"ثمار الروح" للكاردينال ماريا مارتيني، و"قضية الخلق بحسب نصوص الشرق الأدنى القديم"، والكتاب الذي وضعه سليم عبو بعنوان "الثقافات وحقوق الانسان". وسمح له تعدد اللسن هذا بالانفتاح على الحضارات والثقافات العالمية، والنهل المباشر من مصادر المعرفة الأصلية، وقد تجلى أثر ذلك في ما يتسم به فكره من رحابة وعمق وشمول وأصالة.

وفي غمرة ما يشوب معظم الكتب التي تنشر عندنا من سطحية في المعالجة، ونزعة الى اصدار الأحكام المطلقة والكيفية، واغراق في الايديوليوجية، يرتاح من يقرأ مؤلفات الأب الدكاش بعين الناقد المتطلب الى ما تمتاز به من التزام بشروط البحث العلمي ومعاييره، وتطبيق صارم للأصول المنهجية، وجدة في اختيار الموضوعات، وتوخ للدقة والموضوعية، واعمال العقل، وطرح الأسئلة، واثارة الشك، وحرص على التسويغ والتعليل، وسعي دؤوب الى اقامة الدليل على صحة الفرضيات، وسلامة المقاربات، وصلابة ما تفضي اليه من نتائج.

وتسترعي انتباهك، وأنت تتفحص قائمة أعماله، غزارة نتاجه الفكري، تعريبا ً عن الفرنسية والايطالية والسريانية، أو تأليفا ً بالفرنسية والعربية والانكليزية والايطالية. وسرعان ما تكتشف تنوع الأبواب التي طرقها، وهي تتوزع على حقول التربية، والروحانية السريانية، والفلسفة الأخلاقية والسياسية، والفقه الاسلامي، ولقاء الحضارات، والحوار بين الأديان، والعلاقات الاسلامية - المسيحية، وغيرها من الحقول. حسبي أن أشير الى واحد من أهم كتبه، وهو وثيق الصلة بعلم الكلام وأصول الدين والفقه الاسلامي، وقد صدر بعنوان "قضية خلق العالم لدى أبي منصور الماتريدي وسياقها العقلاني والتاريخي"، وأهله لأن ينشر في دائرة المعارف الاسلامية الراقية. وحسبي ان اشير أيضا ً الى كتابه الموسوعي الأخير بعنوان: "التعددية، والعيش المشترك، والمواطنة في لبنان: هل المدرسة هي سبيلنا الى الخلاص؟"، وقد ضمنه دراسة ً مقارنة ً للغايات والأهداف والقيم المشتركة بين الجماعات في المدارس اللبنانية المسيحية والاسلامية والعلمانية، وقد أشاد المفكر الفرنسي جان بول ريسفيبير Jean-Paul Resweber بهذا "العمل الضخم" وجودته العالية "من حيث وضوح العرض ودقة المعطيات والتحليل، وصحة الحكم وأصالة الاستنتاجات" - بل رأى أن "النموذج المقترح فيه هو من الأهمية بحيث يتجاوز نطاق هذا البحث ويمكن تطبيقه في سياقات أخرى تسود فيها أشكال مماثلة من التعدديات".

ولا أخالني أستسلم الى اغراءات المبالغة والتضخيم ان جزمت بأنه يندرج في سلسلة أعلام الموارنة الأفذاذ، وهي تمتد من خريجي المدرسة المارونية في روما بلوغا ً الى الأبوين ميشال حايك ويواكيم مبارك؛ ولا أخالني أجانب الصواب ان جزمت بأنه، في خط الأمانة لتراث عريق وثري، يواصل المسيرة المتألقة التي انتهجها أعلام اليسوعيين، من عرب ومستشرقين، أمثال لويس شيخو، وبولس نويا، وهنري لامنس، وميشال ألار.

اللبناني الأصيل

لا يتسع بالطبع المجال هنا لعرض الموضوعات التي عالجها، والمسائل التي بحثها، في عشرات الدراسات والمقالات والمحاضرات، ولكن يبدو لي من المفيد، في اطار اللقاء الذي يجمعنا اليوم، أن أتوقف قليلا ً عند القضية التي استأثرت دوما ً باهتمامه، وغدا حضورها في كتاباته، في السنوات الأخيرة، محوريا ً وبارزا ً وأشبه باللازمة، عنيت بها القضية اللبنانية.

غني عن البيان أن الأب الدكاش معني، والى أبعد الحدود، بشؤون العالم العربي وشجونه، وبما تعانيه شعوبه من استبداد وقمع وقهر وتخلف وحرمان، وبما تشهده أقطاره من مخاضات انبلاج فجر الحرية والعدالة والديموقراطية، ويؤلمه ما تتعرض له الأقليات عامة، ومسيحيو الشرق خاصة، من اضطهاد وتهجير ومخاطر، ويؤرقه ما يستبد بهم من قلق ممض على المصير. ولكنه، من أجل أبناء لبنان، وانطلاقا ً من تعاطفه مع مواطني البلدان العربية، وتضامنه مع مسيحيي الشرق، بل من أجل البشرية جمعاء، معني أولا بأوضاع لبنان السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتربوية، والثقافية، وباشكاليات هويته التعددية المركبة، وبالتحديات الجمة التي يواجهها، وبما يرتبه عليه موقعه ودوره ورسالته من مسؤوليات ومقتضيات وتبعات.

اقراوا مقالاته وخطبه ومقابلاته، واقرأوا بالتحديد الكلمة - البيان، التي ألقاها منذ أكثر من سنة، لمناسبة الاحتفال بعيد جامعة القديس يوسف السنوي ، لتتبينوا فهمه العميق لتاريخ لبنان، وتحليله الدقيق لواقعه الراهن، وتصوره الرؤيوي للمقبل من أيامه. وتأملوا معي في الشعار الذي رفعه لمناسبة احياء مئوية كليات الطب والحقوق والهندسة: "متمسكون بلبنان الذي ساهمنا في ولادته ونموه". فان في هذا الشعار- البرنامج، تجذرا ً في الماضي وتذكيرا ً بانجازاته المضيئة ن ولكن فيه أيضا ً تطلعات مستقبلية ووعدا ً وعهدا ً باكمال المسيرة. ولأن هذا الموقف أبعد ما يكون عما تضج به منابرنا من مطولات وادعاءات رنانة وفارغة ، ولأنه يشكل، في ايجازه البليغ، التزام مواطنة وخريطة طريق، دعوني أدعو جميع اللبنانيين الى تبنيه، فعل محبة وولاء لهذه الأرض، وفعل ايمان بديمومة هذا البلد، وفعل رجاء وأمل بغده المشرق الزاهر.

لا تدعي هذه اللمحة الخاطفة الاحاطة بشخصية الب سليم الدكاش في وجوهها وجوانبها وأبعادها المنوعة والغنية. فهي لم تسلط الضوء مثلا ً على طاقته الهائلة على التفكير والكتابة والعمل، وعلى هدوئه مع أنه لا يهدأ ، أوعلى نشاطاته أستاذا ً جامعيا ً لامعا ً، أو على دوره الفاعل في تعزيز الحوار الاسلامي - المسيحي. وهي لم تشر الى أن ما هو عليه من صفات، وما حققه من انجازات، انما ينبع من ايمانه المسيحي العميق، والتزامه الكهنوتي الرهباني المثالي. فالمربي والاداري والمحرر والناشر والمفكر والمترجم والباحث والمؤلف، يعيش ويتصرف ويتكلم ويكتب ويخطب ويعلم ويعظ، لا كلاهوتي متخصص، شغل منصب عميد كلية العلوم الدينية وأسس الكثير من المراكز واطلق الكثير من المشاريع فحسب، بل ككاهن حسب طقس الكنيسة الأنطاكية السريانية المارونية وكراهب يسوعي، ملتزم بايمانه، ويعبر عنه بوضوح وشفافية وعفوية وبساطة، فلا يخلو موقف يعلنه، أو خطاب يتلوه، أو مداخلة يلقيها، من تلك النفحة الدينية الأصيلة الملتزمة والمنفتحة.

واسمحوا لي أن أختم هذه الشهادة بابراز الصورة التي يوحي الي بها التأمل في سيرته واستعراض مسيرته. فيحلو لي أن أشبهه بالبحر في فصل الصيف، بانسياب مياهه ودفء حرارته، وصفاء أديمه، وانعكاس الأنوار على صفحة وجهه، وأيضا ً بعمقه، واتساع مداه، وانفتاح آفاقه، وبما يكتنزه من لآلىء وخيرات، وبجمعه بين نعومة رمال شواطئه، وصلابة الراسخات من صخوره.

اسمحوا لي ان أذكر بأنه ابن كسروان - الفتوح البار، هو الذي ابصر النور في البوار وكان ربيب شواطئها وتلقى علومه الابتدائية في جارتها العقيبة، ودروسه الثانوية في غزير، ومن هذه المنطقة العزيزة انطلق ليشع على مساحة لبنان.
Sat Nov 01, 2014 10:01 am View user's profile Send private message Send e-mail Visit poster's website
Display posts from previous:    
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
   
Page 1 of 1

 
Jump to: 


 
 
  Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved

Advertise | Terms of use | Credits