Back Home (To the main page)

Souvenirs and books from Lebanon
 

Sections

About us

Contact us

 
 
SearchFAQMemberlistUsergroupsLog in
Father Michael Mouawad

 

 
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
  View previous topic
View next topic
Father Michael Mouawad
Author Message
admin
Site Admin


Joined: 09 Mar 2007
Posts: 529
Location: Jbeil Byblos

Post Father Michael Mouawad Reply with quote
الأب ميخائيل معوّض بقلم الدكتور جورج شبلي

إنّ بعض الناس معقود على تلقّي نعمة ربّه، أكان نَسَبه ضارباً في تربة العزّ، أو كان حصيره غريباً عن ملامحها فلم تخدم تاريخ حياته. وتفيض عليه النعمة حالةً ذَوقية وجدانية، تتجلى في عملية تنقيب داخل الذات عن أحاسيس متكوِّنة في جوّانيتها، وذلك لتظهيرها بأدوات التعبير. من هنا، لا يختلف المتصوّف عن المفكّر في شيء، فمعهما يتطابق الخيال لأيقاظ نقلة يتحوّل فيها الطّين الى جسد ينبض بالإحتراق.

الأب ميخائيل معوّض الأنطوني تساقط في نفسه صافي العلم لحسرة عنده، بعدما احتلّ اللاهوت ساح ذات الرّاهب ولم يترك له فيها مطرحاً. لكنّ " يد الله " يسّرت تعانقهما الذي نشّأ في رحابه رجل دين وأدب، قائم السّاق على دَورٍ أصاب الكثير من ملامس الفلسفة وطقوس الإبداع ومفاتيح الذّوق، وبدرجة عالية. وعمِل معوّض وضّاعاً للجمال في كلّ كلامه، والجمال هو الحَكم الوحيد الذي لم يَبُت سراباً في إنضاج الإبداع، فشيّد على " دروب الجمال " أدب الرحلة والمسرح والقصة ووجدانيّات التأمّل. وقد بلغ بذلك أعلى الإجادة كونه من الأعمق غوصاً في نفسية الإنسان، ومن الأقدر تلفّتاً الى الحكمة ثمرة الإيمان واجتلاء حقيقة الوجود، خصوصاً وأن لا عقيدة أسمى من الحقيقة.

إنّ في جبلة كلّ واحد منّا بعضاً من فيلسوف، يتحرّى عن إجابة مقنعة في موضوع الكون والمصير، من دون أن يشكّل مبدأ بحثه، حكماً، نظاماً متكاملاً في أبواب المعرفة. والأب ميخائيل معوض، صاحب النّهج القويم في الإحاطة بمسالك الحكمة، فالفكر معه شرط ضروري للوجود وليس " خطىً في الفراغ "، لم يدَّعِ ارتفاعه الى مرتبة الفلاسفة ولم يشتطّ به الرأي لطلب ذلك. لكنّ طينة الحكمة قولبته، وهو الذي عبّأ رئتيه من رياح الثقافات وكان يتمنى لو استعار رئة ثالثة، فأطلق مواقف متجرّدة في الله وفي الإنسان الذي خُلق بمحبة، لكنّ الشرّ صدّع ضفاف بحره فتلوّث. واستطاع الأب معوّض أن يجرّد قواعد الحياة في خطّة واضحة، أثبتها حيث يجب أن تكون وبصدق، لنراها جديدة في كلّ مرة نقف أمامها فتُنبّه فينا الإعجاب. إنّ صلته الوثيقة بالنّمط الحكمي لم تطلِق شرارتَها فقط محفوظاتُ الرّاهب المدمن على الإطلاع، وقد تناهت إلى مائدته أطباق العقل على مرّ الأزمنة، بقدر ما كان اختمار ثقافته بالتجربة الكهنوتية وهي التزام بمذهب التأمل الرّوحانيّ، قد هزّ مارد الحكمة عنده فخرج من قمقمه ونطق.

كان لمعوّض تُخوم واسعة مع القصة، فرواها حيناً ومسرحها أحياناً، ونهض بها، من دون اصطناع أو إرتجال، الى مقارعة الأحداث التي عيَّشها نزعة إنسانية مصيرية تصل من خلال ظواهر الموجودات الى أصل العلاقة بالله حقيقة الحقيقة. ولم يكن قليل الموارد في قصصه ومسرحياته، وقد توخّى منها قضايا مهمة فجمع شملها، والتمس تصوير الأفعال بنقلها من ساكنة الى ناطقة، وهو ناموس نقشِ القصة فكأنّها رخامة تَرى بجميع جسدها، ذلك ليؤكد على أن القصة في الفنّ هي أجمل منها في الواقع. كما أنّه لم يقف على الحياد في حراك شخصياته التي يرضيها أساساً أن تشرح نفسها بنفسها، بل كان خلفها بعيد الصّدى، تعمل أنامله في تنقيل خطوطها وتبديل قسماتها ببراعة، حتى لَيُظنّ بأنّه لو استعار حجراً لحوّله بقدرة إبداعه بشرا. إنّ القصة معه الحاملةَ حقائب الأحلام و" الخطيئة البيضاء " لم تكن سوى فكرة عارية نسج لها زيّاً يستفزّها لتجيب عن سؤال، فيفتح الستارة عنها آناً ويسدلها أمامكَ آنات، لتتحوّل مَسمعيّة في ما لو أستُجمِعتَ في خيالك وأغمضتَ عينيك.

الله أذاب قلب ميخائيل معوّض شوقاً إليه، فأقسم على أن يكون رَجله. والله، كما بدا في نتاجاته، هو الجوهر اللاّمتناهي النهائيّ الخير، الكامل الذي لا نهاية لكماله، العارف لكلّ شيء والباري كلّ شيء، وغير المتحوّل على ما ورد في صلاة مار أوغسطينوس: أنت وحدك الموجود بلا تغيّر، والمُريد بلا تغيّر. من هنا، لم يكن الله " الفداء " مع معوّض مفهوماً كلامياً يمكن تأويله بالوصف، كالقول بأنه مساحة الزمان والمكان، أو الأزلي لأنّه وَصلَ الى مرحلة التوازن، فالله هو واجب الوجود لذاته، منزّه عن الماهيّة والتركيب والبرهان، وأسمى من أن يحدّه الحجم والفوق والتحت، إنّه اللاّمجهول الأقرب إلينا من ذاتنا لأنه لا يرضى أن نُحرَم من معرفته. ولمّا كان الأب الرّاهب لا يستمدّ أسانيده من التجريد، بل من حقيقة العقل، لم يعد مشكلةً مفهوم الألوهة لأنها المبدأ الفيّاض بجميع الحقائق، أو مبدأ كلّ معقول، من هنا كان الله دائماً معه معرفة وشهادة، والمعرفة عند ذوي العقول الراجحة عهود وذِمَم.

لم يُقم معوّض وزناً للدنيا فلا سطوة لها عليه، ولم يعوّل عليها لتمدّه بالقيمة لأنه يعرف قدر نفسه لديه،هذه النفس التي أبداً على نبل والمستعدة للتنازل عن أي شيء ما عدا الله. لقد أكمل في الحياة رحلته تاركاً عند بابها بَلاط الدنيا بمَن فيه وما فيه، ومن دون انزواء، مفتوناً بالروح الحيّ أو الكينونة الخالدة للإنسان،وقد ظلّ مُدمناً على حبّه لها لتكتمل في ظلّ أضوائها ألوان حياته. من هذا الحبّ، خيّم على نتاجاته مناخ أخلاقيّ راقٍ وهادئ بسط رقعته على كلّ ما أحسّ فكتب. ومع كونه مثال الفيض من الإنسانية، ثار مرةً واحدة وفي وجه الحرب، لأنه كان نزّاعاً الى السلام يغالب بالكلمة الواقعَ الذي ضيّق عليه العنف، فسحب جناح صوته في " أنا والحرب " ليكشف بجرأة يد الشرّ وهي تغتال الحرية وتعرّض شوكة كبرياء الوطن للإنكسار. وقد آلمه أن تُسدّ مسالك الحياة رغم عطاياها، فيُكتب بالسيف مصير الناس لا بالحقّ، فدفعته
نفس عزيزة الى إشعال النار في قشّ رؤوس المتقاتلين بإطلاق حملةٍ للإلتقاء بالتحاور، لأنّ ثقافة لبنان هي ثقافة الإنسان والخير والمحبة. أما إنقاذ الإنتماء بالنسبة إليه، فلا يتمّ إلاّ بالولاء، وهو العنصر المحوري للخروج من صراع الهويّات والإنتماءات المتعدّدة الوُجهات، للتوحّد تحت شعار"كلّنا للوطن".

ميخائيل معوّض المبتسم الوجه، كان ذا تعشّق فطري للحق، وقد أسّس مجاله على الإحتكام الى العقل وقوانينه التي تحرّر الذات، وتُكسب أفعال الإنسان حرية أخلاقية تمكّنه من أن يكون سيّد نفسه بالفعل. وإزاء المواقف التي فصلت بين الدين والعقل، معتبِرةً أنّ الدين هو النصّ الإلهي الثّابت وأنّ العقل يؤوّله، كونه صناعة بشرية، رأى الأب معوّض بتجاوزه المتنوّر، أنّ الميراث المعرفي والقِيَمي هو الغطاء الأيديولوجي لإنصهار العقل واللاّهوت في الطريق الى الحقيقة المطلقة التي هي الله.
Sat May 14, 2016 2:29 pm View user's profile Send private message Send e-mail Visit poster's website
Display posts from previous:    
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
   
Page 1 of 1

 
Jump to: 


 
 
  Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved

Advertise | Terms of use | Credits