Back Home (To the main page)

Souvenirs and books from Lebanon
 

Sections

About us

Contact us

 
 
SearchFAQMemberlistUsergroupsLog in
Commenting the book Jumblatt sky pillar

 

 
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
  View previous topic
View next topic
Commenting the book Jumblatt sky pillar
Author Message
admin
Site Admin


Joined: 09 Mar 2007
Posts: 529
Location: Jbeil Byblos

Post Commenting the book Jumblatt sky pillar Reply with quote
حول الكتاب بشير جنبلاط عمود السماء لعصام كمال خليفة

نجتمع هذا المساء لمناقشة كتاب الصديق الدكتور رياض غنام (بشير قاسم جنبلاط) الصادر حديثا ً عن مؤسسة التراث الدرزي، والدكتور غنام من الباحثين الذين أغنوا المكتبة التاريخية في وطننا بمؤلفات رصينه بلغ عددها مع هذا الكتاب (19 مؤلفا ً) بينها ثلاثة بالاشتراك مع المرحوم د. محمد الباشا وستة مع الأستاذ عدنان ضاهر. أهمية هذه الدراسات أنها ترتكز بشكل أساسي، على جملة خصائص؛ وبالنسبة للكتاب موضوع ندوتنا نسجل:

1- غزارة المصادر والمراجع (121 مرجعا ً ومصدرا ً باللغات العربية والفرنسية والانجليزية).
2- محاولة العودة الى الوثائق الأساسية مع لحظ ملحق لأهمها في ختام الكتاب (17وثيقة).
3- ملحق ببعض الخرائط.
4- فهرس للاعلام وللاماكن.
5- معرفة دقيقة بخصائص العائلات المتصارعة وأحلافها والتحولات التي حصلت في مواقفها وخلفيات هذه التحولات.
6- الربط العميق بين العوامل الداخلية والاقليمية والدولية في التأثير على مسار الأحداث.
7- ايلاء البعد الاقتصادي الاهتمام اللازم في سياق عرض سياسة البشيرين (الأمير والشيخ). (ص123: فالصراع المقاطعجي في ميزته الأساسية هو صراع اقتصادي يهدف الى مزيد من الريع العقاري).
8- رغم صدور أبحاث غير قليلة عن الشيخ بشير جنبلاط، فان هذا الكتاب يعطي الكثير من الأضواء الجديدة في العرض والتحليل والاستنتاج.

كتاب الصديق الزميل الدكتور رياض غنام "بشير قاسم جنبلاط" لم يكن الأول في مادته ولن يكون الأخير كما قال في مقدمة الكتاب، وسيرة الشيخ تناقلتها الأقلام في سياقات تاريخ الجبل انطلاقا ً من التاريخ للامارة الشهابية أعني: تاريخ الأمراء الشهابيين للمؤرخ حيدر أحمد الشهابي، وأخبار الأعيان في جبل لبنان لطنوس الشدياق، ومع أن أحداث جبل لبنان في المرحلة الشهابية كانت ولم تزل كنزا ً بعضه حك فأبهر وبعضه الآخر لم ينجح طلاب العلم في اكتناه سره، لما فيه من تقاطعات حديثة تستلزم الكثير من التدقيق والمراجعة في المصادر والوثائق كي تضيء على الروايات التي أنتجتها أحداث القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وقد أحاط الدكتور غنام بسيرة الشيخ بشير جنبلاط، ولم يقف عند الحدث وصانعيه بل قدم تشريحا ً للنصوص وتحليلا ً ارتكز على روافده، وقد أصاب في معظم قراءاته للحراك السياسي ليس فقط على مستوى قطبي الجبل بشير الشهابي وسميه الجنبلاطي، بل كل مشايخ الجبل مركزا ً على الغرضيتين الجنبلاطية واليزبكية مظهرا ً محطات الاتفاق مع الأمير بشير وكذلك محطات الاختلاف، ويمكن القول في دراسته الجديدة، أنها كانت في مستوى الخطاب الوطني ويسجل له عدم انزلاقه الى مواقف ضيقة تخدم هذه الطائفة أو تلك وهذه الغرضية أو تلك المعارضة لها، ومع موقفنا الايجابي من مؤلفه الا أن هناك نقاطا ً، قد لا تبدو مثار نقاش، ولكنها بقيت ضمن استنتاجاته، الأمر الذي يتطلب توضيح بعض مبانيها كي يمكن الاجماع عليها في المفهوم المنهجي، وقد ركزنا في هذا اللقاء على سبع نقاط نرى في وضعيتها المنهجية التي أخرجت في النص اشكالية من الأفضل توضيحها.

الملاحظة الأولى: نكبة النكديين ص 47 وما بعده

قدم المؤلف عرضا ً مفصلا ً لحادثة تصفية المشايخ النكدية وفي مقدمهم الشيخ بشير النكدي على يد الشيخ بشير جنبلاط والمشايخ العمادية مستندا ً في عرضه على عدة مراجع من بينها كتاب "الحركات في لبنان" ليوسف خطار أبو شقرا، رواية حسين غضبان أبو شقرا، وكذلك نسيب النكدي "سيرة الأسرة النكدية" الا أنه استبعد رواية أبو شقرا في تحليله للواقعة معتبرا ً أن الشيخ بشير جنبلاط كان يحترم سمية النكدي، كذلك اعتبر المؤلف أن الشيخ سليمان النكدي لم يكن مقصودا ً بالتصفية لأن المكيدة دبرت لجب "كليب النكدي" الذي ينتمي اليه بشير النكدي.

لا بد من التذكير أن كتاب الحركات وضع مع بداية القرن العشرين استنادا ً الى رواية حسين غضبان أبو شقرا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر كذلك سيرة الأسرة النكدية وضعت في تلك المرحلة، واستنادا ً الى حنانيا المنير في كتابه الدر المرصوف في تاريخ الشوف فان الصراع في جبل لبنان لم يكن فقط بين المشايخ: الجنبلاطية والعمادية والنكدية على النفوذ فيما بينهم وان شكل ذلك جانبا ً من الصراع. الصراع الحقيقي والذي عبر عنه المنير بشكل واضح وهو معاصر لهذه الأحداث كان على امارة جبل لبنان وهذا الصراع لم ينته الا بعد تصفية الأخوين باز: جريس وعبد الأحد حيث انتهى معهما نفوذ أولاد الأمير يوسف شهاب. ينفي المنير أن تكون العائلة النكدية مقسومة بين معارض للأمير بشير وهو الشيخ بشير النكدي وموال له وهو الشيخ سلمان النكدي ويقول المنير حول هذه الحادثة وهو عايش أطرافها وأحداثها:

1- أثمرت العلاقة بين أولاد الأمير يوسف الشهابي من جهة ووالي الشام عبد الله باشا على ارسال عسكر الى نواحي البقاع فنهبوا ضيعا ً لبيت جنبلاط، ويشير حيدر الشهابي أن النكديين كانوا الى جانب الأمير عباس، حفيد الأمير يوسف الشهابي يحاولون التجمع في المتن في موقف عدائي للأمير بشير وكان والي عكا أحمد باشا الجزار الى جانب الجنبلاطيين فساعد الدروز. وكانت كسرة المهاجمين. وعلى أثر ذلك هرب أولاد الأمير يوسف وأتباعهم من زحلة الى الشام.

2- من هذه الحادثة يتضح أن الصراع كان على أشده بين أولاد الأمير يوسف والنكديين من جهة وبين الأمير بشير والجنبلاطيين والعماديين من جهة ثانية، وكان الجزار يدعم الأمير بشير وعبد الله باشا يدعم أولاد الأمير يوسف.

3- ان الشيخ سلمان النكدي كان من ضمن النكديين المقرر تصفيتهم ولكنه استطاع الهرب مع أقربائه.

وفي الخلاصة: ان نكبة النكديين كانت بسبب تحزبهم مع أولاد الأمير يوسف وليس بسبب موقعهم الاقتصادي والاجتماعي.

الملاحظة الثانية: علاقة الشيخ بشير بالمسيحيين (الصفحات 49و141و142)


يعتبر المؤلف أن قيام الشيخ بشير جنبلاط ببناء الكنائس للمسيحيين شكل أحد مظاهر التعاطف معهم، قد يكون لذلك جانب اجتماعي ولكن الخلفية لم تكن كذلك ولا سيما اذا عرفنا أن بعض مشايخ النكدية والتلاحقة ساهموا في بناء أديرة في عهداتهم، والحقيقة هي أن الأديرة والكنائس كانت تشكل جزءا ً لا يتجزأ من آليات الانتاج لنمو وتطور الريع العقاري. اذ أن الشركاء كانوا في تلك المرحلة مشدودين الى الدين وكان الايمان يشكل أساسا ً جوهريا ً في هويتهم الاجتماعية، وفي ذات الوقت مدخلا ً لتعلقهم بالأرض التي هي سبب رزقهم، أما مشايخ العهدة فكانوا يعتبرون أن الأديرة هي مواقع استقطاب للمسيحيين، من شأنها تفعيل الحراك الزراعي، من هنا كان توافق المصالح على بناء الأديرة والكنائس لما فيها من تعزيز القدرة الانتاجية للمشايخ والشركاء.

يذكر المؤلف أن المقاطعجية الدروز وفي طليعتهم الشيخ بشير (وهبوا الأراضي الواسعة لبناء المساكن والأديرة والكنائس (ص130-131). ومن يطالع كتاب الأب لويس بليبل عن تاريخ الرهبانية اللبنانية المارونية، ج3، 1959، ص 101-105يجد هذا النص: "ومن ذلك يعلم المطالع ما كان عليه السلف الصالح من حسن التفاهم والولاء بين المسيحيين والمسلمين يغارون على الأعمال الخيرية دون ما نظر الى مذهب ومذهب".

الا أن الحقيقة التي يجب أن لا نغفلها أن الفلاحين والشركاء المسيحيين بدأوا باكتساب الأرض لقاء الجهد الذي قدمه هؤلاء في اطار عقود الشراكة منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر (على ما يذكر الأستاذ نايل أبو شقرا في كتابه التحولات الاقتصادية والاجتماعية في مجتمع جبل لبنان 1550-1900، دار اشارات، 1999، ص239) واذا كانت سياسة الأمير بشير الشهابي وسياسة بعض قيادات الكنيسة والأعيان النصارى، من أسباب الفتن الطائفية (1841-1860)، فان سياسة المقاطعجيين الدروز الشديدة القساوة بحق الفلاحين الشركاء من المسيحيين كان لها دورها في هذا السياق. اضافة الى سياسة الادارة العثمانية وصراع المصالح الدولية واستغلالها للتناقضات الداخلية الحاصلة.

الملاحظة الثالثة: حول انعقاد مجمع اللويزة سنة 1818 (الصفحات 134-138)


يستنتج المؤلف كما استنتج غيره من الباحثين وفي مقدمهم يوسف ابراهيم يزبك في أوراقه اللبنانية، ان رسالة البابا بيوس السابع الى الشيخ بشير جنبلاط كانت للطلب منه دعم انعقاد المجمع المقدس للموارنة حيث يستفاد من نصه أن رسالة البابا الى الشيخ كانت لضمان نجاح المجمع وأن تأخر الشيخ في رد الجواب للبابا كان تريثا ً منه بانتظار عقد المجمع، في حين ان طبيعة هذه المجامع كانت مسألة داخلية في الكنيسة ولا تتعدى شؤونها التنظيمية مع الملاحظة أن هذا المجمع جاء بعد 82 سنة من مجمع اللويزة الشهير الذي عقد سنة 1736 والذي يشير اليه الدكتور رياض غنام في هامش الصفحة 137.

لقد مارس الأمير بشير والشيخ بشير بالتكافل والتضامن كل أنواع الضغوط على الكنيسة وقد قدم أحد الباحثين قراءة جديدة ومختلفة حول موقف بشير جنبلاط من الكنيسة المارونية فهو يقول: "كانت الكنيسة المارونية تعقد كل ثلاث سنوات مجمعا ً مقدسا ً تعالج فيه قضايا الكنيسة كافة، وهذه المجامع كانت تستلزم موافقة الفاتيكان ولم يسبق أن عقدت هذه المجامع بمواكبة سياسية وهذا ما يلفت الانتباه في التحضيرات التي سبقت انعقاد مجمع اللويزة في 13 نيسان 1818 وكان المجمع الذي سبقه عقد سنة 1814 أي أن المجمع المذكور تأخر انعقاده سنة تقريبا ً بانتظار موافقة السلطة السياسية في الجبل التي لم تحصل الا بعد تمن من البابا بيوس السابع على الشيخ بشير جنبلاط في 15 شباط 1817، وما يؤكد أن الكنيسة كانت محكومة في تلك المرحلة بسياسة الأمير بشير والشيخ بشير، قول الأب العام اغناطيوس سركيس في رسالته الى المجمع المقدس حول تأخر انعقاد المجمع: "...غير أن عدو الخير خزاه الله قد صد صيرورة المجمع عن وقته..." اذا ً رسالة البابا الى الشيخ بشير لم تكن تشكره على دعمه انعقاد المجمع، بل للطلب منه بطريقة دبلوماسية عدم وقف انعقاده.

الملاحظة الرابعة: حول مسألة الأسرة الصمدية ص57 وما بعد


بصرف النظر عن الأسباب التي كانت وراء موقف الجنبلاطيين من الأسرة الصمدية، فان الرسائل التي وجهها الشيخ بشير جنبلاط الى أفراد هذه الأسرة حول قضايا تتعلق بالشركاء في اقليم التفاح تنفي مقولة اصطفاف هذه العائلة في الغرضية اليزبكية ولا سيما أن تقسيم المقاطعات منذ معركة عين داره على مشايخ الدروز جعل من المكلفين من كافة الطوائف يأتمرون بشيخ المقاطعة الممسك بكل آليات الريع العقاري، ولذلك فان التاريخ لم يتحدث عن نفوذ نكدي ضمن المقاطعات الجنبلاطية ولا نفوذ جنبلاطي ضمن المقاطعة العمادية، وهذا المفهوم بقي سائدا ً حتى نظام القائمقاميتين وما بعده حيث اختلف الانتماء الغرضي تبعا ً للمصالح السياسية والنفعية، وعلى هذا الأساس كيف يمكن لعائلة أن تنتمي الى اليزبكية، في حين أن كل مقدراتها الاقتصادية والاجتماعية هي بيد شيخ المقاطعة الذي هو من العائلة الجنبلاطية، ولا بد هنا من لفت النظر الى خطورة المزج بين ما هو تشريعي كأصول ادارة العهدة وبين ما هو رواية تنمو على جوانب هذا التشريع.

الملاحظة الخامسة: عاميتا انطلياس ولحفد ص 160 وما بعد


ان اخضاع المسألة الدينية لجهة دين الأمير بشير، للمعادلات السياسية في الجبل أمر يحتاج الى مناقشة بالرغم من أن أحدا ً من مؤرخي القرن التاسع عشر لم يتناول هذه المسألة باستثناء طنوس الشدياق، وفي هذا الموضوع يقول المؤلف لم تكن غاية عبد الله باشا لتقتصر على الناحية المالية بل كانت له أهداف أخرى أهم منها وتتعلق بديانة الأمير الحاكم. ان مسألة الصراع الديني بين الشيخ والأمير لم تكن مادة سجالية أقله قبيل عامية انطلياس، وان أخذنا برواية الشدياق حول اعلان أميرين شهابيين اسلامهما نتيجة نزاع عائلي ضيق طمعا ً في الوصول الى موقع سياسي والتشهير بالأمير بشير الشهابي بأنه على الدين المسيحي فهو حصل قبل تسلم عبد الله باشا ولاية صيدا وبالتالي فان عبد الله باشا لم يثر هذه المسألة مطلقا ً، ان تركيز الدكتور غنام على هذه المسألة وفاقا ً لاستنتاجاته يحجب ما هو مفصلي عشية عامية انطلياس الذي تجلى في مسألة توزيع مال الميري على النواحي، ان الطابع السياسي لعامية انطلياس كان قد حمل معاناة اجتماعية للموارنة في كسروان والمتن وغيرهما وعلينا أن نتساءل لماذا لم يحتج دروز المتن والغرب والجرد والشوف على توزيع الضرائب؟ الحقيقة أن الأمير بشير وسميه الشيخ كانا متفقان على سياسة واحدة لارضاء السلطات العثمانية ولا سيما والي صيدا أملا ً في احتفاظ كل منهما بموقعه، ولذلك كانا يضغطان على الكنيسة المارونية ورعاياها من أجل تأمين المال المطلوب لوالي صيدا، وتفيدنا مصادر الرهبانية المارونية أن الضغط على الموارنة أصبح مثل (منشار السقالة) حتى أنه في سنة 1822 وضع الأب العام للرهبانية المارونية بعض الكاثوليك في مصر- دمياط في جو حالة البلاد حيث يقول:

"... لا بد قد بلغ مسامعكم الشريفة حقيقة ما حصل بهذه الديار وسكانها من كوارث الأوقات وحوادث الاضطرابات لاختلاف الحكام مع بعضهم ولزود مظالمهم... ونتج عن ذلك زيادة الخراب وآلت البلاد الى الدمار وسكانها للدثار الكلي، من القتل والنهب والحريق وزيادة المظالم على الرعايا والديورة بنوع يعجز وصفه".

وفي ص 169 يربط الباحث موقف الكنيسة المارونية من الحركات الفلاحية بمصالحها الضريبية بحيث أن تأييدها لهذه الانتفاضات هو رفض للضرائب التي قد تصل أعباؤها الى عشرة أضعاف. واذا كان هذا السبب صحيحا ً فالصحيح أيضا ً أن بعض رجال الدين المسيحين المتنورين من أمثال المطران يوسف اسطفان (منظم العاميات وانتخاب وكلاء القرى وواضع المواثيق المختلفة) طرحوا مبادىء هامة جديدة في السياسة اللبنانية - ربما كانت نتيجة اطلاعهم على التحولات الثورية في أوروبا - من مثل اعتبار الاجماع الشعبي والمصلحة الشعبية مبدأ في تحديد السلطة القائمة بدلا ً من المكانة والوراثة والتغير في نظرة الفلاح السياسية من نظرة خاصة مرتبطة بالولاء الشخصي لبيت المقاطعجي الذي ولد في اقطاعته الى نظرة جديدة مبنية على ارتبطات جديدة. على صعيد آخر يشير د. غنام (ص169) الى أن قطبا الصراع في العاميات هما الفلاحون والأعيان. فكان الأولون من النصارى، والآخرون من الدروز. تجدر الاشارة على سبيل المثال لا الحصر أن الشيخ علي العماد وقف الى جانب العامية وذهب سرا ً وتباحث مع قادة العامية في دير سيدة ميفوق وكان راضيا ً عن نتيجة زيارته حين عاد الى دير القمر (نقلا ً عن تقرير للقنصل الفرنسي في بيروت، أول أيار 1821). وكان هناك أعيان من آل شهاب (كالأميرين سلمان سيد أحمد وحسن) شجعا العوام، وحتى أن فضل الخازن كان من زعماء عامية انطلياس الأولى. على صعيد آخر فقد وقف أعيان موارنة كثر من آل أبي اللمع وآل الخازن الى جانب المناصب الدروز وعقدوا معهم الاتفاقات ضد العامية. حتى أن فضل الخازن عاد وانقلب على العامية.

بموازاة تحرك الفلاحين في المتن وكسروان والشمال والذي تمثل بعاميتي انطلياس ولحفد (1820-1821) كان للشيخ بشير جنبلاط ولأكثرية الأعيان الدروز الدور الحاسم في مواجهتها؟

ماذا كان وضع فلاحي الشوف؟ ولماذا لم يعقدوا جمعيات وينتخبوا وكلاء للقرى ويكتبوا العرائض؟

وهل كان لعمليات القمع والبلص والنهب والقتل التي قامت بها قوات الشيخ بشير (تحت مظلة الأمير الشهابي)، اضافة الى مقتل الأخوين جريس وعبد الأحد باز، انعكاسا ً على المرحلة اللاحقة (معركة المختارة 1824-1825) (وفتن 1841-1860). كما يذكر الدكتور غنام في كتابه المقاطعات اللبنانية ص 52...؟) واستطرادا ً ألم يكن دور النكديين الذين قتل آباؤهم، والتلاحقة وبنو حمادة، أساسيا ً في هزيمة الشيخ بشير جنبلاط، في شر السمقانية كما كتب الأمير شكيب ارسلان؟

الملاحظة السادسة:

حبذا لو تطرق الزميل د. غنام الى وصف حال الفلاحين في عهدة الشيخ بشير جنبلاط. لقد بقي الكثير من الأسئلة دون جواب وكان يمكن أن يشكل فصلا ً في الكتاب، والمؤلف، بثقافته الواسعة قادر على ذلك.

ما هي نسب الضرائب التي يدفعها الشركاء من الفلاحين؟
وهل كانت نسبة الضرائب على ممتلكات الفلاح هي نفسها على ممتلكات المقاطعجي؟
ما هو مقدار حصة الفلاح الشريك من محصول الأرض؟
وما هي أشكال الشراكة؟
وهل كان يكتفي الاقطاعي بثلث أو نصف المحصول أم كان على الفلاح أن يزود مطبخ الاقطاعي بالطيور والبيض والجبن والسمن والحليب والأخشاب والفحم مجانا ً؟
وهل كان على الفلاح أن يعمل بالسخرة؟
وما هو عدد الأيام المفروضة لذلك؟
وهل كان هناك حقوق مدنية وجزائية متساوية؟
وهل كان يحق للفلاح مغادرة الأرض أو الزواج دون اذن؟
والضرائب هل كانت تجبى نقدا ً فقط؟ أم أنها في بعض الحالات كانت تجبى عينيا ً؟
ان الوثائق المفترض وجودها في أرشيف البيت الجنبلاطي كان يمكنها أن تجيب على مثل هذه الأسئلة، وغيرها الكثير.

الملاحظة السابعة: ملاحظات متفرقة

1- كنت أفضل أن يذكر د. غنام رأي الصديق الباحث الكبير نايل أبو شقرا في مجال عرض نشأة الأسرة الجنبلاطية في الشوف (كتاب تاريخ لبنان أزمة نص ومصطلح وهوية ص 275- 312).

2- لقد استعمل الأمير فخر الدين المعني الثاني مصطلح (بلادنا جبل لبنان) في بعض رسائله التي أرسلها الى بعض حكام ايطاليا. وذلك بعكس ما يؤكد د. غنام (ص70) من أن اسم جبل لبنان بدأ يتعمم على الشمال وكسروان والشوف في أواخر العهد الشهابي.

3- يتبنى د. غنام رأي بازيلي أن الموارنة لم يكن لهم أي وزن سياسي في البنية المقاطعجية التي تحكم الجبل خلال فترة مجيء حملة نابوليون الى مصر (ص75). ولكنه بعد صفحات (ص83) يذكر عريضة المقاطعجية في خان الحصين التي طالبت بعودة الأمير بشير من الجزار (وحملت هذه العريضة تواقيع جريس باز وبشير جنبلاط واللمعيين وبعض التلاحقة والنكديين باستثناء العماديين). وفي ص 95 يقول د. غنام: "بقدر ما كان جرجس (باز) يتمتع بموقع مميز في البنية السياسية في الجبل كونه أحد أبرز رجالات البلاد وأكثرها حنكة ودهاء، بقدر ما كان يثير تحفظ الشيخ بشير عليه باعتباره عامل توازن في الحياة السياسية..." لا بل يذكر (في ص93) عن باز نفسه – "حتى بدا وكأن السلطة الفعلية قد تركزت بين يديه" - والتف حوله الديريون ووثقوا به وآزروه أكثر من التفافهم حول أميرهم الحاكم".

4- يذكر د. غنام أن استقالة البطريرك يوسف التيان، لم تكن أسبابها واضحة كل الوضوح (ويستطرد أن الاستقالة جاءت نتيجة للخلاف الحاد بين الأمير بشير بعد قتل الأخوين باز ولا يستبعد أن يكون للشيخ بشير جنبلاط الدور الكبير في اقصاء البطريرك التيان عن سدة البطريركية بعد حكم مناف لمصلحة الشيخ جنبلاط.

كانت الطائفة المارونية تخرج من أزمة عميقة (قضية الراهبة هندية) أدت الى أقالة البطريرك يوسف اسطفان، وقد عبر المطران ميخائيل فاضل في رسالة الى البروباغندا 20 آب 1777 في روما عن هذه الأزمة بقوله: "الذي جرى مؤخرا ً في بكركي لم يهز شعبنا الماروني المسكين وشوشه بشكل رهيب وحسب بل هز البلاد بأسرها، وجعلنا أضحوكة بين سائر الطوائف ونفرها منا".

في تلك الظروف استلم الخريج المتفوق من مدارس روما المطران يوسف التيان سدة المسؤولية وكان له من العمر 36 سنة (في 28 نيسان1796).

توترت علاقاته مع الأمير بشير لأسباب متعددة منها رفع قرش الميرة الى ستة قروش. فهدد البطريرك الأمير بالحرم، كما كان هناك تشابك في الصلاحيات الروحية والزمنية بينهما. وفي رسالة استقالة البطريرك الى مجمع الايمان في روما (3 تشرين الأول 1807) ورد: "... ان مضادة حكامنا لي العنيفة جدا ً (يعني الأمير بشير) والشكوك الحاصلة في الطائفة... هي الداعي الأول لاستعفائي".

ويمكننا اجمال الأسباب:

1- بخروج الأمير بشير عن الاتفاق مع جرجس بار وقتله مع أخيه واحجام الأمير عن استقبال البطريرك، وايحاء القاصد الرسولي غوندولفي له بالاستقالة (ويبدو أن هذا الأخير كان ميالا ً للأمير لأسباب مادية).

2- خلاف البطريرك مع المطارنة (بطرس مبارك وجرمانوس الخازن ومخايل فاضل) على بعض الأمور الكنسية وبروز الخلاف الى العلن مع تبادل الرسائل وتدخل الأمير ضد تثقيف شقيق البطريرك تيان من أمه جرمانوس تابت مطرانا ً على أبرشية جبيل والبترون.

3- قيام الأمير بشير باجبار المسيحيين على اعتماد الشرع الاسلامي في فصل الدعاوى المدنية - وقد عارض التيان ذلك بعكس ما كان موقف المجمع المقدس في روما.

ويلاحظ ايليا حريق أن احدى النتائج المباشرة لحادثة التيان والأخوين باز هي الكشف عن التيارات الخفية التي كانت تحرك الموارنة والدروز في اتجاهين متعاكسين. ومنذ ذلك الوقت فصاعدا ً كانت الطائفتان تتباعدان مع تزايد التحدي الماروني للسيادة الدرزية. هكذا كان الشعور الديني الجماعي والفروق الطبقية تتفاعل بصورة متبادلة ومقوية لبعضها البعض.

ان الملاحظات التي أوردناها لا تقلل من الأهمية الاستثنائية للكتاب. فالدكتور رياض غنام من الباحثين القلائل الذين يجمعون بين شمولية الاطلاع وعمق التحليل وجزالة اللغة. بين موضوعية العرض ودقة الاستنتاج ونباهة الربط بين العوامل المتشابكة. وأكبر برهان على ما نقول اختصاره بأسطر قليلة آلية تراجع الأعيان الدروز منذ أواخر القرن الثامن عشر. يقول في ص 226 من مؤلفه: "لقد أكل الأعيان الدروز بعضهم على أيدي بعضهم الآخر، منذ أواخر القرن الثامن عشر وكان الأمير بشير النافخ الأول في جميع المؤامرات والفتن التي قامت فيما بينهم. فالنكديون أكلوا على أيدي الجنبلاطيين والعماديين. والصمديون ضربوا على أيدي الجنبلاطيين، والتلاحقة والملكيون من أركان الحزب اليزبكي تعرضوا لضربات متتابعة على أيدي الجنبلاطيين والنكديين وآل أبي علوان. كذلك الأمراء الارسلانيون لم يكونوا بعيدين عن مؤامرات الشهابيين ودسائسهم، لقد أكل بشير جنبلاط يوم أكل الأعيان الدروز الواحد تلو الآخر، فأكل على أيدي النكديين والتلاحقة والملكيين والحماديين ممن سبق له أن ساهم في النيل منهم والتضييق عليهم، وكان صراع البشيرين حجر بناء العقد الذي أنهى به بشير الشهابي مخطط اضعاف القيادات الدرزية السياسية في الجبل، مقدمة للقضاء عليها وحصر السلطة الحقيقية بين يديه".

واسمحوا لي في نهاية مداخلتي أن أتوقف عند مقطعين وردا في الكتاب: ما جاء في ص 83: "لكن تحالف الأمير والشيخ بشير وجرجس باز وأولاد الأمير يوسف وبعض اليزبكيين أوقع الهزيمة بقوات الجزار في المعركة التي وقعت فوق خان مراد قرب المغيثة...". وما ذكر في ص 207:" وأن ما حققه الأمير بشير باستقوائه بقوات الخارج، يخسره الآن بفعل قوات الخارج نفسها".

من هذين النصين نستنتج الكثير من العبر، أهمها:

1- اذا اتفق اللبنانيون، في كل أحزابهم وغرضياتهم ضد الخارج الطامع بهم، يستطيعون بشجاعتهم ووحدتهم أن ينتصروا.
2- اذا دعم طرف خارجي أي طرف داخلي فذلك يتم انطلاقا ً من مصالحه هو وليس حبا ً بالطرف الداخلي.

والوطن الذي بناه لنا الأجداد بتضحياتهم وشجاعتهم ومواقفهم التي أدت ببعضهم الى الاستشهاد في أقبية الولاة الظالمين، شأن ما حصل للشيخ بشير جنبلاط، يدعونا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه أن نتمسك بالوحدة الوطنية، وأن لا نستمر أدوات للقوى الخارجية، سيما وأن المنطقة تشهد زلزالا ً ومفصلا ً حاسما ً يحدد مستقبل شعبنا لعقود آتية. ان الشعوب التي تأخذ العبر من تاريخها تستطيع أن تنتصر في حلبة الصراع. فهل نحصن ذاكرة شبيبتنا وشعبنا ونأخذ العبر من تاريخنا البعيد والقريب، لتبقى لنا دولة مستقلة وسيدة على أرضها تحافظ على حريات وحقوق شعبنا.

في هذه البلدة العريقة "بعقلين"، وفي هذا الجبل المبارك الذي أعرف جيدا ً تاريخه ومدى بطولات فرسانه دفاعا ً عن سيادة الوطن، أكرر الشكر للدكتور رياض غنام على كل الجهود التي يبذلها في أبحاثه التاريخية ومنها كتابه - المرجع الأخير بشير قاسم جنبلاط - كما أشكر مؤسسة التراث الدرزي على حرصها الدائم لكشف تراث الأجداد.

والى المزيد من العطاء.
Sat Dec 10, 2016 6:33 pm View user's profile Send private message Send e-mail Visit poster's website
Display posts from previous:    
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
   
Page 1 of 1

 
Jump to: 


 
 
  Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved

Advertise | Terms of use | Credits