Back Home (To the main page)

Souvenirs and books from Lebanon
 

Sections

About us

Contact us

 
 
SearchFAQMemberlistUsergroupsLog in
Youssef Bek Karam - Revolution in Lebanon

 

 
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
  View previous topic
View next topic
Youssef Bek Karam - Revolution in Lebanon
Author Message
admin
Site Admin


Joined: 09 Mar 2007
Posts: 529
Location: Jbeil Byblos

Post Youssef Bek Karam - Revolution in Lebanon Reply with quote
ثورة كرم (1865- 1867) من كتاب لبنان في عهد المتصرفية - الدكتور أسد رستم

العودة الى لبنان


وأكد وزير خارجية فرنسة الى يوسف بك كرم وبواسطة قنصل فرنسة في أزمير تجديد الولاية لداود باشا وتم التجديد فعلا ً فثار ثائر كرم واستشاظ غيظا ً. وكان قد أكد هو بدوره لقنصل فرنسة في بيروت في رسالة أرسلها اليه من ازمير في الثامن والعشرين من ايلول سنة 1864 انه يخضع للحكومة التي اقامتها اوروبة في لبنان ويفي المتصرف حقه من الطاعة وانه مستعد ان يقسم بذلك وباستعداده لخدمة سياسة فرنسة امام القنصل نفسه. وكان ايضا ً قد سئم المنفى وخشي ان يصبح "ضحية الحاجة" فيه فقام مسرعا ً الى طرابلس فبلغها في الثاني عشر من تشرين الثاني من السنة 1864 ومنها سار خفية ً الى زغرتا فدخلها ليلا ً وذهب توا ً الى الكنيسة. وشاع خبر قدومه فتكاثر الناس وأخرجوه من الكنيسة محمولا ً على الاكف وما زالوا حتى دخلوا به باب داره. وملأ صوت البارود الفضاء كل ذلك الليل حتى الصباح. وطلب يوسف مهلةً يرقد فيها فأعطيت له. ونزل بعض اصدقائه الى طرابلس في طلب امتعته من المركب. وترددت الحكومة في تسليمها "ولكنها خافت فسلمتها".

وذاع وصول كرم بين مريديه واتباعه من ابناء الشمال فتواردوا عليه من كل صوب. "فخرجنا واذ برجال اهدن قد اطلوا وهم يزيدون على خمس مئة. وضج البارود ودام اطلاق النار حتى خيم الدخان مثل الضباب". وأصبح وجود البيك كافيا ً لتنشيط المعارضة وتشديد المطالبة بتأخير جمع الاموال الاميرية المتأخرة وبتوقيف اعمال المسح وعد النفوس.

قنصل فرنسة

واهتم المسيو اوتري قنصل فرنسة للامر وأبلغ اساقفة الموارنة "ان حكومته تنذر بالنقمة كل من يسعى في تضليل الرأي العام وحمل القوم على عصيان الحكومة. وانه يجب الا ينتظر اللبنانيون اقل حماية من فرنسة ان هم خالفوا مبادىء الاستقامة والصواب". وفي السادس من شباط من السنة نفسها دعا المتصرف أساقفة الموارنة الى اجتماع في دير طاميش ألقى عليهم فيه تبعة عصيان كرم. ووافق هذا ان الحكومة الفرنسية استبدلت قنصلها في بيروت المسيو اوتري ببرنار ديزسار فظن الموارنة انها عزلت اوتري لانه خالف رغائب الموارنة. ولكن القنصل الجديد أيد المتصرف وصوب اعماله. فأثر ذلك في موقف الاساقفة من كرم وجعلهم يبدأون التقرب من المتصرف والابتعاد عن كرم. واجتمع البطريرك بولس مسعد بكرم وأشار عليه بالتفاهم مع داود فكتب كرم الى قنصل فرنسة يؤكد اعترافه بالوضع الجديد واستعداده للتعاون مع التصرف شرط الا يفرض عليه قبول وظيفة.

بين المتصرف وكرم

فكتب الباشا بهذه المناسبة كتابا ً الى كرم هذا نصه: افتخار الاماجد والاكارم قبوجي باشى دركاه عالي رفعتلو يوسف بك كرم زيد مجده المنهى اليكم انه بتاريخه تقدم لدينا معروض من جناب السادات المطران يوسف جعجع والمطران يوسف المريض النائب البطريركي والمطران يوحنا الحاج في طيه الجواب الوارد لهم منكم عما خاطبوكم به عن أمرنا بخصوص قضيتكم. وحيث من معروضكم لنا وجوابكم لهم قد اتضح انكم منضوون في حيز دائرة الخضوع لقوانين الدولة العلية والاطاعة لأوامر الحكومة والمومى اليهم يلتمسون منا الالتفات نحوكم بحسب المراعاة وبما قد رؤي لدينا التماسهم هذا ومضمون تقريركم هما مطابقان للمشرب العالي فبحسب المأذونية والرخصة السنية نطمنكم ونؤمنكم تطمينا ً وتأمينا ً تامين لتكونوا مطمئني البال متعاطين اشغالكم واعمالكم اينما وجدتم. وما دمتم في حيز الخضوع والاطاعة ستكونون مظهرا ً حسنا ً لمزيد التعطفات السنية والالتفات من طرفنا لنحوكم. ولا شعاركم بذلك وللاعلان بما ذكر اقتضى اصدار بيورلدينا هذا من ديوان متصرفية جبل لبنان لاجل العمل بموجبه – 3 ذي القعدة 1281 و17 آذار 1865.

داود باشا في الآستانة

وكأني بالمتصرف يرقد يوسف ريثما يعد العدة الكافية لضربه واستعادة هيبة الحكم. فاننا نراه يقلع الى الآستانة بعد اسابيع معدودة فيعود منها متمردا ً مستفرسا ً. ولكننا نعود فنقول لا يجوز البت في شيء من هذا لخلو المراجع الاولية منه ولا سيما واوراق الباب العالي لا تزال مطوية لا يمكن الوصول اليها.

النكايات المحلية

وانقسم الموارنة على انفسهم وشطرتهم السياسة شطرين فناهض بعضهم كرما ً وأيد البعض الآخر داود. واشتدت النكاية المحلية وكثرت اعمال القهر والاغضاب. فقام بنو البويز في صربا بالقرب من جونيه وهم من أنصار العهد ينكون بني خضرا اتباع كرم. واشتد الخصام بين الفريقين بعد سفر المتصرف الى الآستانة في حزيران من السنة 1865. فشكا بنو خضرا أمرهم الى زعيمهم كرم فأرسل ثمانية من رجاله في اوائل تموز يشدون ازرهم. وما ان وصل هؤلاء الى صربا حتى لجأ الفريقان الى العنف والقتال. واستصرخ بنو بويز اقاربهم واعوانهم فأتاهم جمهور من القرى المجاورة وتحصن رجال "البيك" في احد منازل ابي خضرا وارسلوا يخبرون سيدهم بما جرى. فهب البيك بمئتي فارس لنجدتهم وأخذ الخضراويين معه الى اهدن "لقضاء فصل الصيف فيها".

وكثرت اعمال النهب والسلب في طول البلاد وعرضها فشكا مدير قضاء زحلة تصرفات "الجهلاء" من ابنائها وقلة ادبهم في علاقاتهم مع بعض من حضر اليها من الخارج وذلك بمناسبة التحقيق الذي قام به بين حمزة حمادة وفارس وشرف الدين وسيف الدين حاطوم من كفرسلوان من جهة وبين خليل يوسف نعوم ويوسف النمير من زحلة من جهة اخرى. وفي صيف هذه السنة نفسها 1865 هجم الفان من ابناء زحلة بقيادة حنا ابو خاطر ويوسف دحروج ونقولا زلاقط وعبد الله الجريصاتي على المعلقة فضربوا وجرحوا ونهبوا. واضطر والي دمشق ان يكتب بذلك الى متصرف لبنان لصيانة الامن واحقاق الحق. ونشب خلاف عائلي في الوقت نفسه في البقاع الشمالي بين بيت علو وبين بيت الجاموس أدى الى نزوح بيت علو الى قرية البويضة التابعة لسنجق حمص ووصل الى الهرمل مئة خيال من العسكر الشاهاني بقيادة عبد القادر بك يطلبون الشيخ محسن حمادة عامل ناحية الهرمل. واشتعلت نار الفتنة في بشري بين اهاليها فذهب ضحية لها عدد من القتلى والجرحى كما لجأت شرذمة من قاطعي الطرق الى ممر المسيلحة بين طرابلس والبترون ينهبون المارة و"ويلقون الدهشة والرعب في قلوبهم". وهكذا دواليك مما لا مجال لذكره.

مجلس الادارة

وعاد المتصرف من الآستانة في خريف السنة 1865 على رأس عدد لا يستهان به من الدراغون والقوزاق وعلى ظهر باخرة حربية أطلق عليها اسم لبنان فشرف مجلس الادارة الكبير وأمر بنقل مركز الحكومة الى جونيه" لتسوية اشغال تلك الجهات وادخالها في طاعة الحكومة". وطلب الى الاعضاء ان يدونوا رسمياً "اخبار الحوادث التي جرت منذ تشريفه مركز المتصرفية" حتى اواخر السنة 1865. فقرر المجلس في جلسة تاريخية في التاسع والعشرين من كانون الثاني سنة 1866 حسابا ً شرقيا ً ما يلي:

اولا ً: انه حينما شرف دولة المتصرف الى مركز المتصرفية بدأ بترتيب ادارة المتصرفية فنصب المديرين وعين يوسف بك كرم مديرا ً على قضاء جزين. وبعد ان اظهر رضاه بذلك وقبل هذه الوظيفة عاد فاستعفى منها وانصرف الى محله. والذي لحظ من استعفائه انه شق عليه تنصيب الامير مجيد شهاب مديرا ً على قضاءي كسروان ولدى وصوله الى وطنه حزب وجوه مقاطعة الجبة وجوارها وجعلهم يحرروا له حجة وكالة عن جمهورهم واظهروا عدم قبولهم الامير المومى اليه وطردوا بعض اتباعه. واذ بلغ ذلك دولة المتصرف نهض من مركزه آتيا ً الى قضاء كسروان لاصلاح الاحوال. واذ وصل الى اسكلة البترون حضر لناديه بعض وجوه قرية زغرتا معتذرين عما كانوا تهموا به من طرد اتباع المدير وشاهدوا من لدن دولة المتصرف العفو والتلطيف والترفق باحوالهم. وفي اثناء ذلك التمس يوسف بك كرم القدوم لنادي دولته فصارت له الرخصة في ذلك. لكن حيث كان تسامع خبر استعداده للقدوم بجماهير غفيرة بحجة التشكي من المدير فابلغ عن امر دولته بان يحضر بجمهور قليل لحد خمسين نفرا ً. فما كان منه الا ان دخل اسكلة البترون محل وجود دولته بجمهور بلغ تقريبا ً الف نفر. ومع ذلك فانه صار الاغماض من دولته واقتبله وسمع تشكياته مع تشكيات الجمهور. وعندما كانت حاصلة المداولة في مداواة الامور التي كان يقصد تعقيدها البك المرقوم تعنتا ً لاجل عزل المدير وفد اليه امر شريف من لدن حضرة صاحب مقام الصدارة العظمى ومأمورية فوق العادة دولتلو فؤاد باشا المعظم يأمره بالحضور لاعتابه في بيروت. فحضر وفيما بعد وقف دولة المتصرف على بواطن رؤساء الجمهور الذي كان مصحوبا ً معه وعلى مضمون حجة الوكالة وأعلن العفو عن الجميع واعطا الترتيب اللازم من تنصيب عمال وخلافه في مقاطعة الجبة. واذ كان مشرفا ً قرية زغرتا ظهر من بعض اصحاب يوسف بك اعمالا ً تغاير آداب الرعية وتمس ناموس الحكومة. ومع ذلك ما زال دولته مترفقا ً باحوالهم. لكن حيث تحقق لدى دولة فؤاد باشا المعظم وسعادة وكلاء الدول الفخيمة ان هذه الاراجيف ناشئة عن افكار وحركات يوسف بك فقد صدر امره بنفيه.

ثانيا ً: ثم وزعت الاموال الاميرية على جميع اقضية المتصرفية بمعرفة مجلس الادارة الكبير بموجب مضبطة وذلك عن سنة 1277 ثلاثة آلاف وخمس مئة كيس. ومن الثامنة والسبعين وصاعدا ً بحساب سبعة آلاف كيس. فدفعت جميع الاقضية ما طلب منها بموجب التوزيع المرقوم الا قضاءي كسروان الجنوبي والشمالي. فانهم لم يوردوا ذلك حتى الآن متعللين تارة بعدم الاقتدار وتارة بانهم ليسوا ملزومين ان يدفعوا زيادة عن الثلاثة آلاف والخمس مئة كيس الا عند مساعدة الاحوال. وهكذا تقدم عرض حالات من البعض منهم لاعتاب دولته بهذه التعليات وخلافها وأحيلت لمجلس الادارة الكبير وصار عليها الرد بمضبطة العاشر من ذي القعدة والسادس عشر من نيسان سنة 1279 وقد تضمنت الحكم عليهم بوجوب الدفع بحساب السبعة آلاف كيس مثل باقي اقضية الجبل. وحتى الآن لم يساووا بقية الاقضية بذلك مع ان دولة المتصرف اجرى كامل الوسايل الحكمية بهذا الشأن ولم يصر فايدة.

ثالثا ً: انه عندما شرف دولة المتصرف قضاء كسروان الجنوبي للزيارة وافتقاد احوال الاهالي وحل ركابه السعيد بقرية غزير فبحضور وجوه الاهالي صارت المذاكرة بخصوص اصلاح الطريق النافذة من غزير الى جونيه. وبحسب الالتماس صار الالتفات من لدن دولته لمساعدة احوالهم بتصليح الطريق المذكور بنوع تجري عليه الكروسة. وقد وجه مهندسين رتبوا محل اجراءات الطريق وقايسوا مقدارها فبلغ نحو خمسة آلاف متر. فبعد ذلك صدر امره باستحضار مجلس القضاء مع مأمور من طرفه الى قرية غزير وعملوا تعديل كلفة الطريق وتقسيمها على عدد نفوس اهالي قرايا غزير وجوارها المنتفعين من هذه الطريق. وتبين ذلك كله بموجب دفتر مذيل بمضبطة من مجلس القضاء المذكور موضح بها ان كلما يحتاج الى دفع نقود او اجرة معلمين وادوات وخلافها تدفع من طرف صندوق المتصرفية وان الاهالي لا تتكلف سوى لتقديم الفعلة الذي يشتغلون بأيديهم كما تبين ذلك بالدفتر المذكور الذي تصادق عليه من مجلس الادارة الكبير وبناء ً عليه صدر امر دولة المتصرف باستحضار الادوات اللازمة مع المعلمين وتعيين مناظرين لمباشرة الشغل. واذ ذاك وقع فساد من البعض منهم وبلبلوا الجمهور وغيروا عزمهم عن اصلاح الطريق. فعندها ارسل دولته مأمورا ً احد اعضاء مجلس الادارة لينظر في ذلك. وبحضور العضو المرقوم اصلح الاختلاف الذي كان موجودا ً بين الاهالي على ذلك. وتبين الذي خص غزير عن اجرة الفعلة بوجه مقطوع اثني عشر الف وخمسماية غرش وصار توزيعها بحضوره والبعض دفعوا ما تخصص. وبعد انصراف هذا العضو تجدد الفساد اذ كان المدير حاضرا ً بالقرية وتجمهر الجهلا وطردوا الناظر والمباشرين وكسروا ابواب بيوت بعض الذين كانوا قد دفعوا المطلوب منهم. واظهروا كامل انواع العصاوة على امر دولته. وحيث تقدم بذلك معروضا من مدير القضا لدولته واحيل لمجلس الادارة فبنى عليه مضبطة تاريخ 4 ربيع الاول سنة 1279 تتضمن وجوب استعمال القوة والسطوة بسوق طابور عسكر شاهاني مع فرقة من الضبطية الاهلية استنادا ً الى اساسات النظامات السنية لاجل تربية العاصيين واجرا ايجابات المصلحة. فمن شفقة ومرحمة دولته أرسل كتخدايه وبمعيته فرقة ضبطية لبنانية فقط. فعندما وصل المومى اليه الى عقبة غزير قابلوه باشهار العصيان وطلق البارود فعاد مرتجعا ً الى جونيه. وفي اليوم الثاني حضروا ايضا ً وكبسوه في قوناقه وارشقوه بالحجارة وضربوا الضبطية الذين كانوا معه مع جميعهم.

رابعا ً: انه بحسب النظامات السنية بمسح كامل اراضي الجبل وعدد نفوس اهاليه فقد جرى ذلك في كامل القضاوات الجنوبية الا قضاءي كسروان وان يكن صار مسح بعض قرايا كسروان الجنوبي فقد التزم مجلس الادارة لا بطالها حيث اهالي القضاء المرقوم لم يمكنوا ماموري المساحة بالحرية لان يسلكوا بموجب التعليمات العمومية المعطاة من المجلس المرقوم عما يتعلق بالمساحة وعدد النفوس.

خامسا ً: انه بعد ان مكث يوسف بك كرم في المنفا مدة نحو ثلاث سنوات فقد حضر الى محله من دون رخصة. وعندما بلغ مسامع دولته المتصرف ذلك قدم عرض حالا ً للباب العالي استعلاما ً عن ذلك فصار شرف صدور امر نامه سامي من جانب مقام الصدارة العظمى معلنا ً ماله الشريف تاكيد فرار البيك المرقوم وحضوره من دون رخصة وان دولة المتصرف يعمل اجتماعا ً من الرؤساء الروحيين ويخاطبوا يوسف بك المذكور عما يطلب منه تقديم الخضوع للحكومة المتصرفية والتعليمات السنية ليصير العفو عن ذنوبه الماضية وعن فراره من دون رخصة والا فيتقدم الاعراض للباب العالي بما يكون لاجل تعلق الارادة السنية بما يقتضي لمجازاته. فدولة المتصرف قد اجرا كامل الوسايل الحكمية وعمل اجتماعا ً مع الرؤساء الروحيين الذي وقتئذ اجروا النصايح اللازمة الى يوسف بك المرقوم وهو أجاب مذعنا ً لنصايحهم وقدم لهم تحريرا ً يتضمن خضوعه واطاعته لدولته وانه ما دام موجودا ً في لبنان لا يخرج من اطاعة حكومته. وبناء ً على هذا التحرير قدموا سيادة الروساء المومى اليهم عريضة ً لدولته تطمن دولته ودولته بناء ً على ما ذكر اعطى بيورلدي للمرقوم تحتوي العفو والتأمين.

سادسا ً: انه بمدة غياب دولته بالآستانة العلية قد حصل منازعة جزئية فيما بين عائلتي بيت البويز وبيت خضره في صربا فأرسل يوسف بك كرم بعض انفار من اتباعه من زغرتا وبوصولهم الى كسروان تصحب معهم سجعان العضيمي من غادير وأسعد رميا من غوسطا وباخوس بو غالب من عشقوت وكبسوا عايلة بيت البويز في بيوتهم ليلا ً وجرحوا منهم سبعة اشخاص ونهبوا بيت احدهم يوسف بو شاهين وربطوا المذكور ومعه ثلاثة انفار من اولاد عمه وسجنوهم في بيت خضره. واذ بلغ كرم بك ان هذا العمل شق على بعض اهالي قرايا قضاء كسروان بالحال حضر بنفسه وصحبته جمهور من الجهات الشمالية خيل ومشاة. وكان وصوله لقرية غزير بالحدو والقواص. وحول في بيت الخواجه يواكيم باخوس الكاين بالقرب من قوناق المدير وزار بيوت بعض اصدقائه بالمحل. ومن ثم نزل الى جونيه وقرية صربا. وكان قبل وصوله حضر انفار من بعض قرايا قضاء كسروان قاصدين ضرب اتباعه واستخلاص بيت البويز المحبوسين. فمنعهم بعض المتوسطين واستخلصوا الانفار المسجونين. وعند وصول البك المرقوم قصد ان يعقد مصالحة بين الطرفين. فبيت البويز لم يجيبوا سؤاله حيث كانوا اعرضوا واقع حالهم لدى الحكومة وصار فحص الدعوى بمعرفة مجلس القضاء.

سابعا ً: انه امر معلوم اياب دولة المتصرف بالحفظ والاقبال من الباب العالي دامت له المفاخر والمعالي متسربلا ً بحلل المجد والافتخار وبما ناله من التعطفات والمراحم الملوكانية من الاحسانات السنية له ولعموم الجبل. ومن وقته توجهت ارادته بانه في فصل الشتا الحاضر يتخذ مركزا ً موقتا ً ميناء جونيه لاجل تسوية اشغال تلك الجهات ودخولها بقالب مستحسن عايد لاطاعة الحكومة واستكمال وسايل راحة الاهالي. فبناء ً عليه قد صدر امره لكافة مأموري المركز بأن يتوجهوا بالرخصة لمحلاتهم برهة عشرة أيام التي بها يصير تدبير قوناقات وقيام عفش المركز جميعه للمحل المذكور. وقد تم ذلك عمليا ً. وبالوقت المعين تحركت ركابه مصحوبا ً بمعيته ماية وخمسين نفرا ً من ضبطية المركز وماية خيال من عسكر القوزاق. وبعد تشريفه بالطاقم المحرر بيومين ثلاثة توقع حادث مع ضبطية مدير قضاء كسروان بقرية غزير ما بين الضبطية الذين من المحل والبعض من الاهالي عايلة بيت باسيل من القرية أيضا ً. وبوقته صدر امره بتوجيه معتمدين. واذ تحققوا ان مبدا هذا الفساد ناشىء من الخواجه يواكيم باخوص قد استحضروه للمركز. واحتياطا ً من تجديد السبب امر بوضع فرقة من ضبطية المركز ومن الخيالة القوزاق في غزير. وباقي خيالة القوزاق ترتب قوناقهم في جسر المعاملتين. ومن ثم صدر امره بطلب الاموال الاميرية من عموم محلات القضا. وقد أشهر اعلانا ً رسميا ً بان مبلغ السبعة آلاف كيس المطلوب من الجبل عموما ً هو من تعلقات شرف صدور الارادة السامية الملوكانية التي تكرمت من مراحمها بمبلغ خمسة آلاف كيس علاوة على المبلغ المحرر لتكميل مصارفات دائرة المتصرفية. وان ذلك وجه قطامي ما عليه رد البتة. وبوقته تقدم لديه الاعراض لسانا ً ان ترد اهالي قضاء كسروان عن دفع المال الباقي لم يكن سوى من فقر حالهم وعدم اقتدارهم. عند ذلك صدر امره للمدير والعمال ان ينبهوا على اهالي المحلات ينتخبوا مشايخ قرى ومختارين حسب مفاد التعليمات. وان متسلمي دفاتر القرايا يحضروا دفاتر التوزيع للمجلس ويميزوها ثلاث درجات غني ووسط وفقير ليرى بمعرفة المجلس تسوية ذلك بتقسيط البقايا على قدر امكان الاهالي. وقد حصلت المباشرة بذلك.

ثامنا ً: انه في ذلك الغضون بلغ مسامع دولته بان موجود جانب بارود في جونية وصربا فصدر امره بضبطه مع ربط يوسف منصور العضيمي حيث تقرر بانه من زمرة المفسدين بين الاهالي وكان المحرض على تجمهر بعض الاهالي ضد عايلة بيت الهواء.

تاسعا ً: انه يوم السبت الواقع في 30 كانون الاول سنة 1865 تظاهر جمهور على الضهور المسماة بواب الهوا فوق مركز جونية بالصياح والحدو وطلق البارود وبقوا نحو ساعتين ثلاثة لحين غروب الشمس وانصرفوا لناحية غوسطا. ونهار الاحد الواقع في 31 شهره ختام السنة 1865 ارتجع الجمهور مضاعفا ً عن اليوم الماضي وابتدوا بالحدو والقواص والهجوم على المركز المتصرفي حتى وصل بعضهم لتحت كنيسة غادير التي تبعد عن المركز محطا ً للرصاص وهم يطلقون البواريد. فعند ذلك صدر امر دولته بتوجيه فرقة من الضبطية اللبنانية بمعية مسيو ألطاب الذين بوصولهم لمقابلة الجمهورية التقاهم سيادة المطران يوسف جعجع من دير بكركي وتكلم مع المسيو ألطاب بالتوقف عن الضرب. وارتد سيادة المومى اليه على الجمهورية بالضرب والشتم لاجل ردعهم وترجيعهم. وقد تم ذلك. وبرجوع الجمهورية ارتجعوا ايضا ً الضبطية من دون ان يحصل ادنى سبب. وتاني يوم شاعت الاخبار بان يوسف بك كرم قادما ً من جهة الشمال وبصحبته جمهور. وأرسل تحارير منه الى اهالي بلاد جبيل والفتوح وكسروان ليوافوه نهار الاربعا في 3 كانون الثاني سنة 1866 الى نهر ابراهيم. ومن ذلك حصل اضطراب عند مستخدمي المركز. وتوجه بعضهم مع من وجد من وجوه اهالي قضاء المتن لنادي غبطة السيد البطريرك في بكركي ليترجوه بملاحظة منع هذه الحوادث وان يوجه احد المطارين لارجاع يوسف بك كرم مع جمهوره. فوجدوا ان غبطته منفعلا ً من ذلك غاية الانفعال. وفهموا انه اذ بلغه قدومه وجه ثلاث كتابات مترادفة للمنع عن القدوم. بالحال أمر أيضا ً بتوجيه سيادة المطران يوسف جعجع والمطران يوحنا الحاج ورئيس عام الرهبنة البلدية ومدبريها ليمنعوا البك المرقوم عن الحضور ويرتجع لمحله. وكان توجههم عصرية نهار الاربعا. فبوصولهم وجدوا المذكور في نهر ابراهيم حسب افادته السابقة. فقابلوه وعادوا راجعين ثاني يوم الخميس. والذي شاع وظهر انهم رجعوا خايبين من قبوله مشورة غبطته ورايهم. وحيث باثنى ذلك حضر لمركز دولته في جونية سعادة قنصل جنرال دولة فرنسة وسيادة المطران طوبيا فصار مترجحا ً بالعقول أنهما يقطعا هذا المشكل بوجه عايد للراحة. غير انه نهار الجمعة الواقع في 5 شهره مساء ً ورد اخبار من بعض اطراف بانه تشاهد اعلانات من يوسف بك كرم مضمونها انه صح اعتماده على الهجوم على قرية غزير الساعة الخامسة من نهار السبت وانه حرر لبعض كهنة المحل لينصحوا الاهالي والضبطية الموجودين بها بانهم اذا قاوموه وضاددوه فيضربهم والا ومكنوه من الدخول بلا مانع فلا يضرهم بل انه يرمي اليسق على المدير رهينة تحت احضار يواكيم باخوص وان جمهور كسروان ينقسم قسمين الرجال الاقوياء توافيه الى غزير على طريق دير العفص وباقي الجمهور يحضر كاشفا ً عن ضهور بواب الهوا المذكور آنفا ً يستعملوا العياط والصياح فقط بدون ان ينزلوا جهة المركز. وانه هو والجمهور الذي معه ينقسموا الى ثلاث فرق الاولى على طريق فتقا والثانية على طريق ادما النافذين الى غزير والثالثة على سكة البحر النافذة الى جسر المعاملتين. ويذكر بالاعلان المذكور بانه مقدم كتابة لسعادة جنرال دولة فرنسة فان حضر له الجواب بالايجاب يفيدهم باعلام آخر والا فيبقوا معتمدين على الاعلان الاول المرقوم. وحين بلغ ذلك مسامع دولته ليلا ً ارسل فرقة من العسكر الشاهاني وفرقة لبنانية مع مسيو ألطاب الى غزير بطريقة سرية ليلا ً. وفي صباح نهار السبت قد تشاهد ان خيالة القوزاق الذين مقنقين في المعاملتين ركبوا وتوجهوا شمالا ً حتى تواروا جهة وطا سلان وطبرجا ورجعوا حالا ً بدون ان ينسمع شيء. وبعد رجوعهم الى مركزهم المعاملتين ببرهة وجيزة نفدت الجماهير من المعاملتين وادما بضرب البارود الساعة الخامسة والنصف كما تعين بالاعلان ومعهم يوسف بك والامير سليمان الحرفوش ومثله من جهة العفص وتبوا اهالي غوسطا وعشقوت ونفد جمهور من جهة بواب الهوا مستعملين الصياح. واشتعلت نار الحرب. وما مضى سوى برهة ساعة ونصف الا والفرقتان اللتان حضرتا على طريق ادما والمعاملتين انكسرتا الى الورا والذين على بواب الهوا ابطلوا الصياح وارتجعوا. وبقي الحرب مشتعلا ً عن الفرقة التي حضرت على طريق العفص وبيت خشبو الى الساعة الحادية عشرة والنصف من النهار المذكور فانكسروا منهزمين ايضا ً. وصار كنون من كل الجهات.

عاشرا ً: انه في اليوم الثاني الذي هو الاحد في 7 شهره حضر لنادي دولته سيادة المطران طوبيا والمطران يوسف جعجع وقدما الاعراض لديه ان الاهالي ندموا على ما فعلوا ويلتمسوا العفو والامان. فقبل التماسهم بذلك شرط ان يتقدم له معروض رسمي من ساداتهم عموما ً. وبحسب ذلك قد حضر نهار الاثنين اربعة مطارنة وهم المطران طوبيا والمطران يوسف جعجع والمطران يوسف المريض والمطران يوحنا الحاج مقدمين المعروض الرسمي بذلك. وبناء ً عليه صدر امر دولته ببيورلدي الامان الى اهالي قضاء كسروان الجنوبي المحدد لنهاية بلاد جبيل مشروطا ً به تادية الاموال الاميرية وعدم الاجتماعات الاهلية ورفع الهرج والجمهورية. وانه اذا صار شيء من هذه يكون شرط الامان مفسوخا ً. وتسلمت هذه البيورلدي لسيادتهم. وانتهى الحال. وصارت المبادرة من الاهالي بتوريد الاموال الاميرية.

الحادي عشر: ثم انه بالوقت نفسه شرف دولته الى بيروت وصدر امره بنقل المركز من جونيه الى سبنيه. وتوجه سعادتلو امين باشا مع فرق من العساكر الشاهانية وفرق العسكر اللبنانية الى زغرتا. وقد كان تسامع ان يوسف بك كرم استدعى الامان بواسطة سعادة امين باشا المشار اليه عن يد سيادة المطران بولس موسى. وقسم يمينا ً بالكنيسة على اطاعته. وبناءً على ذلك صار له الوعد من سعادة الباشا المشار اليه بانه يستجلب له العفو والامان من دولة المتصرف. وانه بعد ذلك هجمت اهالي زغرتا وبعض القرى المجاورة لها مع يوسف بك كرم والامير سليمان الحرفوش وضربوا العساكر الشاهانية واللبنانية.

هذا ما لا تزال تحفظه لنا سجلات مجلس الادارة الكبير. وفي ذيله انه "صارت مطالعته وحيث انه من معلومات المجلس بعضه بالتسامع وبعضه بالعيان صار تذييله في الثاني من شباط سنة 1866": الاعضاء محمد عرب من السنة نصر نصر وحسن عيد وسمعان غطاس ويوسف الخوري عن الموارنة ضاهر عثمان ابو شقرا ووهبه ابو غانم وحسن شقير عن الدروز خليل الجاويش وخليل قرطاس عن الروم عبد الله مسلم عن الكاثوليك وحسن همدر عن المتاولة. واردف وجوه البلاد اعضاء المجلس الاداري الكبير قرارهم هذا بقرار وقعوه في الرابع عشر من ربيع الآخر سنة 1283 والثالث عشر من آب سنة 1282 (1866) هذا نصه مع بعض التصرف "اننا نحمد الله تعالى على ما نحن عليه من الراحة والامنية في هذا العصر المغمور بمراحم واحسانات دولتنا العلية فانها باري البرية ولا سيما على ما تجمل به جبلنا من النظامات والامتيازات الممنوحة له من مراحمها الوفية التي هي جارية بكل استقامة منذ ابتداء الحكم الجديد - والمامول بحوله تعالى وبعناية ولية نعمتنا الدولة العلية وبحسن الحكم ستبلغ حالة جبلنا كما تتنماه القلوب من الراحة والنجاح والتأمين.

غير ان التشويش الواقع الآن في شمالي الجبل لم يكن الا من مضاددة يوسف كرم النظامات منذ ابتداء الحكم الجديد حتى الآن الامر الذي اصبح مشهورا ً لدى الافاق. ووافقه في ذلك بعض الجهلا قاصدين الاخلال بالنظامات السنية.
وبما ان هذه الحوادث لا تتفق ومشرب الحكومة وبما انه للحكومة الحق في الردع بالقوة الجبرية فقد توجهت العساكر لمنع هذا الفساد. ولما كان المرقوم قد اظهر صلابة وعنادا ً وقابل العساكر الظافرة بقوة السلاح وأشهر نفسه علما ً مشهورا ً. متخذا ً لنفسه انه انما يفعل لصالح جبل لبنان ونجاحه. ولما كان قد أعلن هذا أيضا ً في جميع الجهات حتى في الاقضية الجنوبية ولم يعبأ به احد ولم يذعن احد لغرضه المنحرف. ولما كان لا صدق في القول ان الطائفة المارونية مشتركة باجمعها في هذه الحادثة اذ ان لا علاقة لموارنة الشوف والمتن وجزين والكورة وزحلة باعماله وهؤلاء يمثلون اكثر من نصف الموارنة وانه لا يطلق هذا على موارنة الشمال باجمعهم وجل من عاونه منهم بعض القرى القليلة في جبة بشري وفي جبل البترون وكسروان ولا يتجاوز عددها السبع. وبما ان الحكومة لم تقفل باب العفو والقبول فأخذت بعين الاعتبار الوساطات السابقة واللاحقة ومنها وساطة غبطة البطريرك الاوروشليمي القاصد الرسولي. وبما ان يوسف كرم لم يشأ ان يبعد عن لبنان بل بقي مصرا ًعلى العناء والجدال. وبما ان هذا المجلس يرى لزاما ً عليه ان يبدي رأيه لرئيسه ويرى ان يوسف كرم في اعماله هذه يسيء الى مصلحة لبنان وشعبه فانه يقرر انهاء قضية يوسف كرم باي وجه كان لازالة وجوده من الجبل حفظا ً لراحة الاهالي واتقاء ً لما قد يحل بهم من خراب وتدريك كل خسارة تلحق بالجبل على يوسف كرم ومرافقيه ومقاومة كل من يخالف اوامر حكومة المتصرفية من اهالي الجبل ذلك ان مجلسنا هذا يرى ان حالة الجبل الآن بوجود النظامات السنية هي أبهى وأجمل من اية حالة مضت.

وبناء ً عليه تحررت هذه المضبطة من مجلس ادارة جبل لبنان لتقدم على اعتاب دولة المتصرف مع الاسترحام بنشرها واعلان كل ما فيها واظهار امتنان اهل الجبل من الاحسانات الشاهانية ورفع الايدي بالتضرع والابتهال لعزته تعالى بدوام سرير سلطنة ولية نعمتنا الدولة العلية مدى الايام والليالي اللهم آمين".

العودة الى زغرتا

وعاد كرم بعد المعاملتين الى زغرتا وسار منها الى بنشعي وتأبط اخاه ميخائيل وجره اليها خوفا ً من ان يسلم للحكومة وحض اهالي زغرتا على الصعود الى اهدن وبات ينتظر عساكر داود. وكان المتصرف قد حشد حوالي خمسة آلاف مقاتل بين نظامي شاهاني ولبناني وأرسلهم الى الشمال بقيادة أمين باشا الأشقر. فدخلوا زغرتا في الحادي والعشرين من كانون الثاني دون معارضة. وكتب كرم الى امين باشا في الرابع والعشرين من كانون الثاني يعلن خضوعه راجيا ً الباشا ان ينظر في قضيته بالعدل. فأجابه الباشا البلجيكي ان الخضوع بالكتابة لا قيمة له وان الخضوع الحقيقي يقضي بحضوره بذاته بعد ان يفرق من التف حوله. وبعد التي واللتيا اجتمع كرم وامين باشا والمطران بولس موسى وبعض الوجوه في دير مار يعقوب كرمسده كرسي مطرانية طرابلس في السابع والعشرين من الشهر نفسه. فتعهد كرم بالطاعة خطيا ً ووضع سيفه بين يدي الباشا ورضي بان "يتوارى الى حين مشترطا ً جلاء العسكر العثماني عن الجبل" فوعده القائد فيما يظهر بشيء من هذا. وانفض الاجتماع وعاد امين باشا الى زغرتا وسار كرم الى بنشعي.

بنشعي

وفي الثامن والعشرين من كانون الثاني سنة 1866 قامت فرقة من الضابطة اللبنانية بقيادة سليم بك الطرابلسي الى بنشعي وتبعتها فرقة عثمانية بدأت فور وصولها باحراق البيوت فاضطرب الشماليون وارادوا ان يصدوا العثمانيين بالقوة ولكن كرما ً آثر الخروج من بنشعي برجاله. وما كاد يفعل حتى لحق به العثمانيون وأطلقوا نارهم عليه فاضطر ان يقابلهم بالمثل. وتمكن رجاله بما أوتوا من شجاعة وبأس واحكام في اطلاق النار من رد هجمات عثمانية ثلاث. ونفدت ذخيرة الضابطة اللبنانية واستولى الوهن على قلوب العثمانيين فولوا مدبرين وما فتئوا حتى دخلوا طرابلس.

ورأى بعض وجوه الشمال ان يواصلوا الزحف الى طرابلس او الى بتدين لتحقيق استقلال الجبل. وقال الخوري بطرس سعادة الاهدني الى كرم ليلة انتصاره في بنشعي وقد رآه يصلي بسبحته."الي بيحارب ما بيطول المسبحة" قم وازحف على طرابلس. ولكن كرما ً أبى ان يعتدي على الدولة.

وفي اول شباط كتب كرم الى الاميرال الفرنساوي الذي كان قد وصل الى مياه طرابلس يبين مقدمات يوم بنشعي موضحا ً انه انما قاتل مدافعا ً راجيا ً ان يبدي الاميرال رأيه كي يفعل هو بموجب ارشاداته. وفي اليوم التالي كتب الى حميد باشا قائمقام طرابلس او متصرفها يبين مبادءة العسكر بالشر ويلتمس تأليف مجلس خاص للتحقيق فيما ينسب اليه. وكتب الى المتصرف داود باشا ان تلك الحوادث لا تجدي الحكومة نفعا ً وان ضررها يعود على الفريقين الى ان يقول: "كم يكون فضلكم عظيما ً اذا سعيتم الى اكتساب قلوب اللبنانيين لا بالقوة القاهرة بل بالحلم وصفاء النية مما يكسبكم الفخر ويجعل الناس ان يدعوا لكم بطول العمر". وكتب اليه أمين باشا في التاسع من الشهر نفسه يقول تلقيت رقيمكم المؤرخ في 8 الجاري وقد قلتم انكم تقبلون بالتسليم ولكن تحت حماية من حمايات الدول. وهذا وهم لانكم من التبعة العثمانية ولا يحق لاي قنصل ان يحمي رجلا ً من رعايا الدولة وهو ثائر على حكومتها. فأجاب كرم انه كان وما زال يبرر نفسه من كل مسؤولية وانه يكرر خضوعه للدول العلية.

سبعل

وفي اثناء هذا الشهر نفسه دبرت حملة ثانية بقيادة درويش باشا مؤلفة من اثني عشر الف جندي تولى قيادة وحداتها حسن باشا وامين باشا وعباس باشا وقبولي باشا ومصطفى باشا. ولدى وصول قائدها الى بيروت كتب الى كرم يدعوه للتسليم في مهلة ثلاثة ايام. ثم قام الى طرابلس على ظهر المركب لبنان يرافقه المتصرف داود باشا. ولدى وصوله اليها منع تصدير الحبوب والمؤن الى القرى الثائرة.

وعندما علم كرم بقدوم درويش باشا بعساكره كتب الى حسن باشا يجدد طاعته للقانون ويطلب المحاكمة القانونية. وتخلى عن بنشعي وقام الى سبعل وايطو وعبرا وتحصن فيها.

وفي اول آذار من السنة 1866 وصل حسن باشا الى بنشعي وقام منها الى سبعل فاستولى عليها بعد مقاومة شديدة كما استولى على ايطو وعبرا وأرسل من يستولي على اهدن نفسها. ثم سار اليها بمن بقي معه من العساكر فوصل اليها في الرابع من آذار ونزل في قصر كرم. وبعد ان اقام في هذا القصر بضعة ايام أمر بنهبه واحراقه.

صرف الرجال

ورأى كرم بعد سبعل ان ذحيرته قلت وأشفق على من كان يموت في سبيله. وبلغه ان حسن باشا ابلغ مطران طرابلس انه انما جاء لمساعدة داود باشا فاذا برح كرم لبنان رجع العسكر عن مطاردته. فصرف كرم معظم رجاله واتجه نحو البترون وجبيل لينفذ من تلالها الى بعلبك. فمر بكفور العربة ودير البصة وكفرحلدا فدوما فمار يعقوب الحصن وبلغ دير ميفوق في الخامس من آذار. وتتبعه العسكر النظامي واللبناني فجرت بينه وبينهم مواقع عدة منها موقعة اهمج ووادي النسور وكفرفو والحدث وعين الجوز وعين قرنا ووادي مزيارا واهدن واجبع ووادي الصليب. واليك ما قاله عن احداها وادي مزيارا في مذكراته الافرنسية بتاريخ 21 آب سنة 1866:

وادي مزيارا

تبارك الله الذي انقذني من المخاطر العديدة التي لولا لطفه وعنايته لما نجوت منها. كنت قد صرفت معظم رجالي ولم يبق معي منهم سوى اربعين. وكان داود قد أمر بأخذي هذه المرة ميتا ً لا حيا ً وقد وضعني انا ورفاقي ضمن حلقة من حديد ونار. وكنت قد اتخذت مركزا ً لي جبل عين قرنا شمالي اهدن مقابل جبل الارز حيث اشرف على منزلي باهدن وأقف على ما يجري في البلاد من الحركات العسكرية. فأقمت هناك اياما ً براحة وسكينة. وفي اثناء ذلك جاءت العساكر نحوا ً من الفين وخيمت في مكان قريب من عين الوحش بجوار اهدن على مسافة ساعة مني. فلما كانت الساعة الثانية بعد نصف ليل أمس أحس الصبارة بقدوم عسكر من بشري مارا ً بالقمم التي تشرف على مركزي شرقا ً وان عسكرا ً من الضنية صاعد الينا في المعابر الضيقة. وجاء اثنان من كشافتي وانبآني بان العسكر قد سد علي المسالك. فجمعت رفاقي واوقدت النيران في جوانب القمة وخرجت في الظلام الى غابة اهدن دون ان يشعر بي احد. ولم يمض عشرون دقيقة حتى وصل خسرو بك ومعه العساكر وجماعة من بشري. وكادت كشافتي تتماس بطلائع العسكر الذي طوق جبل عين قرنا. وفي الصباح سرت الى قرية تولا واخذت الفرق القريبة تتبعني دون ان تتحرش بي. وكنت أسير مقابلها بحيث لا يصل الي رصاص بنادقها. ولما اشرفت على مزرعة التفاح نظرت فرقا ً جديدة قدمت ليلا ً من طرابلس وبيروت فأخذت انا طريق الضنية فالتقتني قوات جديدة فرجعت على اعقابي وهبطت الوادي الفاصل بين لبنان والضنية وترجلت واوعزت الى بعض رفاقي بان يقودوا الخيل في طريق تولا وحرضتهم على انهم اذا التقتهم العساكر يتركوا الخيل ويختفوا في الكهوف او يموتوا وسلاحهم في ايديهم. وهبطت مع بعض الرفاق وادي مزيارا فالتقتني قطعة من العسكر كانت تسد طريق الوادي وهبطت الى هناك فرق آتية من الضنية. فاصبح العسكر منتشرا ً في عدوتي النهر وارتفعت الى جانبي صخور عالية. واذ رأيت ان العسكر امامي والى جانبي يرصدني على رمية حجر ولا يطلق علي النار أدركت ان فرقة كامنة تسد مخرج الوادي وعرفت اني اقاتل الالوف برجال قلائل. فجمعت رفاقي الاعزاء وخاطبتهم قائلا ً:
هوذا ساعتنا الاخيرة ولم يبق لنا سوى الموت تحت السلاح او الحياة تحت الاستعباد فايهما تختارون؟ فأجابوا الموت تحت السلاح. وعجلت المسير فوجدت العسكر يسد مخرج الوادي كما قدرت وهو كالبناء المرصوص. فدعوت انا ورفاقي اسم الله الحي هاتفين بصوت شديد يا الله! فردد الوادي صدى اصواتنا وهجمنا مقتحمين صفوف العسكر فانحسرت من امام وجوهنا ولم يطلق احدهم النار حتى خرجنا من حلقة العسكر. على ان الفرق تقدمتنا وسدت مخرج الوادي من جهة بنشعي في السهل فقسمت رجالي الى قسمين الاول واصل السير في طريق الوادي والثاني سرت به الى مزرعة التفاح. ولم يتحرك العسكر من مكانه بل انتظر الرجال الذين افترقوا عني. وحارب هؤلاء عدوهم مستقلين حتى بلغوا جهة بنشعي وكان كل منا يحمي الآخر بالتبادل. اما انا فاني تمكنت بشق النفس من الخروج من ذلك الوادي بطريق عبرا الى جهة سبعل. وكانت الساعة العاشرة صباحا ً وانتهت المعركة. وجرح اثنان الواحد نجا والآخر وهو ابو حسون وقع اسيرا ً مع ابن اخته اسعد بولس واربعة غيرهما. وأخذ الخمسة الى سجن بيت الدين. أما جيادي فقد نجت من العسكر الذي تهالك في سبيل اخذها مما كفانا مؤونة الاشتباك مع العدو مرارا ً. وقبض العسكر على جماعة من اهل القرى المجاورة من كهنة وعلمانيين ولذلك فاني عزمت ان اتوارى من الآن كي لا اجعل سبيلا ً لخراب البلاد واكون سببا ً لهلاك العباد.

والواقع ان كرما ً واربعة من رجاله تواروا اربعين يوما ً وهؤلاء الاربعة ساسين غسطين وانطونيوس يزبك وجبرائيل فشخه وذيب البتروني أبوا الا اللحاق به.

مجلس الادارة

واتخذ المجلس الاداري الكبير في هذه الآونة في الثامن عشر من تشرين الاول سنة 1866 قرارا ً هذا نصه مع بعض التصرف: "تشرف المجلس بتلاوة المرسوم الشريف المتصرفي الصادر يوم تاريخه المعلن مآله الوسيم انه بمقتضى توافق افكار هؤلاء العبيد مع افكار دولته بخصوص ما حدث في الجبل في مادة يوسف كرم ولزوم تربية الاشقياء صار ارسال العساكر الشاهانية والضبطية لجهة الاشقياء وقبض على رؤسائهم وصار ادخالهم في الطاعة. وبما انه لم يبق اي اثر للعصيان سوى ان يوسف كرم لا يزال مختفيا ً ولا يزال واقعا ً عليه التفتيش فانه دولته يستوضح هل يلزم بقاء العساكر النظامية في الجبل ام لا يلزم. ولدى المذاكرة بهذا الخصوص رؤي انه لما كان وجود العساكر الشاهانية الظافرة في الجبل هو لاكتساب الراحة ولما كان بظل الشوكة القاهرة الملوكانية وحكمة دولة المتصرف الافخم قد حصلت الراحة المطلوبة فان وجود العساكر الشاهانية لم يعد لازما ً وان المأمول ان شاء الله ان لا يحصل شيئا ً من الاهالي المذكورين يجبر الحكومة على اعادة العساكر مرة اخرى".

كرم يؤثر الخروج من لبنان

وكتب كرم الى بعض اصدقائه في بيروت يقول: "الرجاء ان تعرضوا للاميرال سيمون انه لم يسمع ولم يقرأ في التاريخ ان عمال فرنسة سمحوا بان يكره احد من خاصتهم المخلصين على قبول الاستعباد او الموت. واني آسف ان يوافق المسيو ديز سار داود باشا على الشرط الذي وضعه علي وهو ان لا ابرح بلادي دون اجازة وان أقسم بألا أعود الى لبنان ما دام تحت حكمه. فاستعلموا لي من سعادة الاميرال سيمون عما اذا كان يريد قبولي عنده ليسهل سفري الى اوروبة بصورة شريفة. فاذا كان باقي في ثغر بيروت وتفضل بقبولي فاني لا اطلب سوى زورق يوافيني الى مكان أعينه على الشاطىء. وان كان قد سافر فارسلوا كتابي هذا اليه".

قناصل الدول

وفي مطلع السنة 1867 قر قرار قناصل الدول ومتصرف لبنان ووالي سورية ومتصرف بيروت وجوب اعادة العساكر الشاهانية الى لبنان لمطاردة كرم والقاء القبض عليه لانه بعد اختفائه عاد الى ميدان العمل على رأس ثلاث مئة رجل. ويقول كرم في مذكراته: "وادركت اذ ذاك غلطي واني اخطأت بتساهلي وبالخطة السلمية التي اتبعتها تجاه العسكر فاضعت الوقت والفرص السانحة لأخذ الثأر المجيد. وقد رأيت الآن ان هذه المقاتلات لا تنتهي الا بقتلي او قتل المتصرف. فتركت التحجب وخرجت داعيا ً كل من لاقيته الى القيام معي والموت في سبيل الشرف وتأييد الشرائع. وسرت في رابعة النهار الى قرية اجبع التي تبعد ساعتين عن كل من عرجس وبشري. وصادفت بعض الحطابين فتركوا حزمهم وتقلدوا سلاحهم وانضموا الى رفاقي الثمانية. ولم نبلغ اجبع حتى صرنا خمسة وعشرين. وعند المساء ارسلت ثمانية عشر شخصا ً يهاجمون عرجس فانهزم عوض بك بمجرد سماعه حداء الرجال. وعدت صباحا ً أبحث عن راجي بك في بشري فتقهقر دون قتال وتركته قاصدا ً بتدين لانقاذ رفاقي المعتقلين. وتفاديا ً من اهراق الدماء غالطت العسكر وواصلت السير ليل نهار".

في كسروان والمتن

وقام كرم الى طرزا فبشعله فعبادات فوادي علمات والناس تلتف حوله فوصل الى الغينه في الثالث عشر من كانون الثاني. وأمر البطريرك الماروني ان تقفل ابواب بكركي في وجه كرم ما دام خارجا ً عن طاعة الحكومة وحض الناس في كسروان الا يحركوا ساكنا ً. وسار كرم الى غوسطا. فوفد عليه ليلا ً ابن شقيق البطريرك وعاد الى بكركي. وفي صباح اليوم التالي ارسل كرم الى مقر البطريرك رسائل الى قناصل الدول يدعوهم فيها الى الحكم بينه وبين المتصرف وأمهلهم اياما ً ثلاثة يقوم بعدها الى بتدين لمقاتلة الحكومة. فأصدر القناصل بيانا ً في الخامس عشر من الشهر نفسه اعلنوا فيه "مداومة مساعدتهم الادبية الى حضرة صاحب الدولة داود باشا وان افضل الوسائل لتوطيد السلام في البلاد انما هي ابعاد يوسف كرم وان الدولة العلية مستعدة ان تمنح يوسف الرخصة ليخرج من لبنان وسورية ويتوجه الى اي محل اراد". وغادر كرم غوسطا في السادس عشر من كانون الثاني متجها ً نحو بيت شباب وبكفيا. ولحق به الكابيتان ألطاب على رأس قوة من الضابطة اللبنانية فناوشه مناوشة في وادي الصليب ما بين المحيدثة والشوير في السابع عشر من الشهر نفسه. وكان الشيخ صليبي الخازن والخواجه رزق الله خضرا قد ابلغا كرما ً رغبة قنصل فرنسة في الاجتماع به في بكركي. فتابع كرم سيره ووصل الى بكركي في اليوم التالي.

اجتماع بكركي

ولدى وصوله الى المقر البطريركي وجد بانتظاره قنصلي فرنسة في دمشق وبيروت ونعوم افندي قيقانو مندوب داود باشا واساقفة الطائفة المارونية وبعض وجوهها وجمهورا ً من اللبنانيين. فقال قنصل فرنسة في بيروت: "اني تلقيت رسالة من سفير جلالة الامبراطور في الآستانة مآلها ان قد وصلت اليه رسالتكم التي طلبتم اليه فيها ان يعين لكم مكانا ً خارج لبنان تقيمون فيه. وعليه فان فخامة السفير يعين الجزائر باسم جلالة الامبراطور مقرا ً لكم تقيمون فيه ضيفا ً على حكومة جلالته". فأجاب كرم: "انني في كتابي الى المسيو بوره سفير جلالة الامبراطور اعلنت رغبتي في حقن الدماء ولكن داود باشا احرجني فاخرجني. وقد احتج اللبنانيون على اعماله المغايرة للعدالة واضطررت ان ادافع عن حقوق ابناء وطني المهضومة وان انقذهم من الاستبداد والجور". فأجابه القنصل: "اذا أردت ان تؤكد حبك وولاءك لفرنسة بقبولك الضيافة التي أعرضها عليك باسم فخامة السفير فان جلالة الامبراطور سيمنحك حمايته الخاصة. وانا الآن اخاطبك باسم جلالته واصرح ان جلالته يمنح حمايته ايضا ً لرفاقك وان المتصرف يطلق سراح المعتقلين ويحترم رفاقك ويحافظ على املاكك واملاكهم وسوف تبذل المساعي لانصافك في القريب العاجل". فقبل كرم ما عرضه عليه القنصل ووجه هذا كتابا ً الى البطريرك هذا تعريبه: "لما كان يوسف بك كرم قد قبل ما كلفت بعرضه عليه من قبل سعادة سفير جلالة الامبراطور في الآستانة فانه اصبح منذ الآن بحماية فرنسة. وقد دعوت رفاقه الى الآستانة. ووعدتهم بانه سوف لا يحدث ما يقلقهم من قبل الحكومة. وجئت الآن ارجوكم ان نتعاون معا ً في اقناع اولادكم الموارنة بقبول هذه المشورة الحكيمة وبوجوب العودة الى اعمالهم العادية والاهتمام بامور معيشتهم بعد هذه الاضطرابات التي سببت مصائب عديدة". وقام كرم والقنصل وغيرهما من بكركي الى بيروت فخرج الكثيرون لاستقبالهم وأدب صديق كرم الخواجه اسعد ملحمة مأدبة فخمة على شرف يوسف كرم دعا اليها عددا ً كبيرا ً من الوجوه والاعيان. وفي اليوم التالي الحادي والثلاثين من كانون الثاني سنة 1867 وجه كرم ما يلي الى اعيان بيروت: "اني اشكر لكم انسانيتكم وخالص مودتكم وأسأله تعالى ان يحفظكم ويديم توفيقكم وتقدم الجنس البشري كافة في مراتب الارتقاء العام بحفظ الواجبات الانسانية". وقام الى متن الدارعة الافرنسية "له فوربان" فمخرت به الى الاسكندرية فمرسيليا فالجزائر. وبعد ان اقام في الجزائر سنة كاملة زار باريز وقابل عاهلها الامبراطور نبوليون الثالث ثم سافر سرا ً الى بروكسل وغيرها فرومة.
Thu Oct 31, 2013 2:04 pm View user's profile Send private message Send e-mail Visit poster's website
Display posts from previous:    
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
   
Page 1 of 1

 
Jump to: 


 
 
  Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved

Advertise | Terms of use | Credits