Back Home (To the main page)

Souvenirs and books from Lebanon
 

Sections

About us

Contact us

 
 
SearchFAQMemberlistUsergroupsLog in
Science and education for Maronites and Orthodox

 

 
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
  View previous topic
View next topic
Science and education for Maronites and Orthodox
Author Message
admin
Site Admin


Joined: 09 Mar 2007
Posts: 529
Location: Jbeil Byblos

Post Science and education for Maronites and Orthodox Reply with quote
الدكتور أسد رستم العلم والتعليم عند الروم والموارنة - الانتاج الفكري في العلوم والآداب واللغة (1873- 1883)

وتولى رئاسة الكهنوت في اوائل هذه الفترة من تاريخ لبنان حبران كبيران كان لهما اثر طيب في تطور العلم والتعليم في بيروت احدهما غفرائيل رئيس اساقفة بيروت ولبنان وعلى الروم والآخر يوسف رئيس اساقفة بيروت على الموارنة.

غفرائيل متروبوليت بيروت


هو جرجي ابن نعمة الله شاتيلا أبصر النور في دمشق في الخامس من شباط سنة 1825 وتعلم القراءة والكتابة العربية ومبادىء اللغة اليونانية عند الخوري يوسف مهنا الحداد في دمشق. وفرغ منه كله قبل التاسعة من عمره. وكان هذا منتهى ما كان يتسنى للطالب ان يحصله وقتئذ. ثم اخذ يتلقى اليونانية في البطريركية الارثوذكسية في دمشق وينسخ الكتب. وفي الرابعة عشرة اخذه والده الى محل عمله ليدربه على نسج الحرير الدمشقي "الكريشة" وعلى الاتجار به. وبعد نصف سنة توفي والده فأخذ على عاتقه القيام بحاجات بيت ابيه وتربية اشقائه القاصرين. وما فتىء حتى شب اخوه فضل الله فدربه حتى وثق به وقام الى القدس تبركا ً وذهب بعد ذلك الى أزمير فالآستانة لمهام تجارية. وفيها اتته الدعوة للخدمة الروحية. وكان قد توفي البطريرك مثوديوس الانطاكي وانتخب خلفا ً له البطريرك ايروثيوس وكيل البطريرك الاورشليمي في الآستانة. فحضر جرجي حفلة التتويج واستلام عصا الرعاية سنة 1850 ورأى وداعة البطريرك الجديد ولمس تقواه فألقى الله في روعه ان يكرس حياته للخدمة الروحية. ورغب الى البطريرك ان يجعله راهبا ً ليكون بمعيته فوافق على ذلك وألبسه ثوب الرهبنة في تلك السنة نفسها وسماه غفرائيل بدلا ً من جرجي. ثم سامه شماسا ً بعد سنة وجعله كاتبا ً له لاسباب منها انه كان قد اصبح قديرا ً في العربية واليونانية.

ومما يذكر للشماس غفرائيل انه بقي في تلك الآونة لدى رئيس الكنيسة الانطاكية لانشاء مدرسة اكليريكية في الكرسي الانطاكي في دمشق فقبل البطريرك ايروثيوس بذلك واستقدم استاذين يونانيين لهذه الغاية وعين لمساعدة الخوري يوسف مهنا الحداد المعلم يوسف عربيلي والمعلم يوسف الدوماني. وفي السنة 1858 قام الشماس غفرائيل الى الآستانة بمعية البطريرك الانطاكي لحضور مجمع البطاركة الاربعة فكتب بخط يده اتفاقية رجوع بعض الروم الكاثوليكيين الى احضان الكنيسة الارثوذكسية. وكان قد مثل هولاء كل من الخوري يوحنا حبيب والخوري غبريل جباره. وسيم شماس قسا ً فارشيمندريتا ً في الآستانة في السنة 1860.

وفي السنة 1861 قام الارشمندريت غفرائيل الى موسكو ليتسلم رئاسة الامطوش الانطاكي فيها. وبقي في موسكو تسع سنوات كان في اثنائها مثال الخدمة والتقوى. وفي السابع والعشرين من ايلول سنة 1869 اجتمع المجمع الانطاكي المقدس في دير البلمند لانتخاب مطران لكرسي بيروت فأصاب الارشمندريت غفرائيل الانتخاب باجماع الاصوات وتبلغه. فشكر واستعفى. فلم يقبل استعفاؤه. فدافع دون القبول نحوا ً من سنة. ثم أجبر أخيرا ً فاحنى عنقه. ووصل الى ثغر بيروت في الثاني والعشرين من ايلول سنة 1870 وسيم مطرانا ً وارتقى الى كرسي الرسول كوارتس احد الاثنين والسبعين بعد خمسة ايام في دمشق.

وكان اول عمل قام به متروبوليت بيروت الجديد انه دفع من جيبه الخاص نحوا ً من خمسة وسبعين الف غرش لوفاء ديون كانت قد تراكمت على اديرة الابرشية. واخذ يهتم في اصلاح هذه الاديرة وترميم ابنيتها وايجاد الرهبان فيها. ثم اجتهد ان يجعل اوقاف الاديرة والكنائس منتسقة منظمة تحت ضابط قانوني. وأخذ على عهدته مدرسة الطائفة الكبرى في بيروت وانفق عليها من ماله نحوا ً من الف ليرة عثمانية علاوة على ايرادها. ودعا اليها افضل الاساتذة آنئذ كما شوق البعض من الطلبة للالتحاق بها حتى اذا ما اكملوا دروسهم فيها جعل منهم اكليروسا ً راقيا ً لائقا ً. فنبغ من هؤلاء فيما بعد عدد من رجال الدين والدنيا منهم غريغوريوس الرابع بطريرك انطاكية. وانشأ في السنة 1878 مستشفى القديس جاورجيوس ورائده فيه خدمة الطبقة الفقيرة من ابناء الطائفة. وشوق افضل اطباء ذلك العهد للعمل فيه وفي طليعتهم كرنيليوس فانديك الشهير.

يوسف الدبس مطران بيروت


هو يوسف ابن الياس الدبس ولد في قرية كفرزينا من زاوية طرابلس في الثامن من تشرين الاول سنة 1833 وتعلم مبادىء العربية والسريانية في مدرسة القرية. ثم دخل مدرسة عين ورقة في السنة 1847 وأكمل دروس قسميها: الايطالية واللاتينية والمعارف العالية والمنطق واللاهوت الادبي. وفي السنة 1851 درس في طرابلس على الخوري يوسف السمعاني شيئا ً من الفلسفة. ثم عاد الى الفيحاء في السنة التالية فدرس اللاهوت الاعتقادي على احد الآباء الكرميليين فيها وفي السنة 1853 استدعاه مطران طرابلس بولس موسى كساب لترجمة كتاب البدع للقديس الفونس ليكوري فانجزها في خريف السنة 1854. وعند وفاة البطريرك يوسف الخازن دعاه خلفه البطريرك بولس مسعد للتعليم في مدرسة مار يوحنا مارون. وفي السنة 1855 رسمه مطران طرابلس كاهنا ً في كرسي الابرشية واعاده الى مدرسة مار يوحنا مارون ليعرب الرسوم الفلسفية واللاهوت الاعتقادي ويدرب الطلبة فيها فيعدهم الى خدمة الكنيسة.

وفي السنة 1860 أمره البطريرك بولس ان يبقى في خدمته واقترح عليه ان يترجم كتاب يوحنا ديفوتيوس في الحق القانوني ففعل. ثم صنف تحفة الجيل في تفسير الاناجيل ومغني المتعلم عن المعلم في قواعد اللغة ومربي الصغار ومرقي الكبار في واجبات الانسان لخالقه ولنفسه. وفي السنة 1867 دعاه البطريرك لمرافقته الى رومة فباريز فالآستانة. ونشر بعد هذا كتابه سفر الاخبار في سفر الاحبار. وعندما دعا البابا بيوس التاسع اساقفة العالم اجمع الى مجمع مسكوني ينعقد في الفاتيكان وجه الخوري يوسف رسالة خاصة الى الرؤساء الشرقيين غير الكاثوليكيين يناشدهم فيها ان يأتوا الى المجمع. وفي السنة 1871 طبع الخوري يوسف كتابه روح الردود على الخوري يوسف داود ينفي به خروج الموارنة عن الكنيسة الأم وقولهم بالمشيئة الواحدة.

وفي هذه السنة نفسها 1871 توفي المطران طوبيا عون رئيس اساقفة بيروت على الموارنة فسلم اكثر اعيان الابرشية امر انتخاب الخلف الى البطريرك بولس. فوقع انتقاؤه على الخوري يوسف الدبس ورقاه الى رتبة المطرانية في الحادي عشر من شباط سنة 1872 فكرس سنيه الاولى الى الوعظ والارشاد وجمع ما قاله في اجزاء ثلاثة وطبعه في المطبعة العمومية التي كانت قد اصبحت له بالاشتراك مع صديقه رزق الله خضرا. وشرع ببناء كنيسة مار مارون فأكملها في السنة 1874 وفي آذار من السنة 1875 أصابه مرض احتقان الدماغ فانقطع عن التأليف والوعظ وسافر الى رومه فباريز وفيينه وعاد متعافيا ً الى بيروت لينشىء فيها مدرسة الحكمة. واليك ما قاله هو في هذا الموضوع:

"وكانت المدارس تنشأ لتهذيب الاكليريكيين وتعليمهم ولم يكن في طائفتنا مدرسة لتعليم الشبان العالميين. ولما دعاني الله بوافر سخائه لا باستحقاقي الى اسقفية بيروت كان اول اهتمامي انشاء هذه المدرسة للعالميين. واشرت الى ذلك في اول خطبة القيتها في هذه المدينة. واخذت استعد لذلك وابحث عن محل يوافق هذا الغرض. فشريت عدة قطع من الارض في المحلة المعروفة بالغابة سنة 1874 واخذت في البناء مستعينا ً على ذلك بثمن معمل حرير في شملان كان المرحوم سالفي قد شراه فبعته الى الخواجه يوحنا فريج بمايتي الف غرش وبثمن نصف قرية كفريا في البقاع الغربي كان المرحوم سالفي قد شراه فبعته الى الخواجه يوسف سرسق بمايتي الف غرش ايضا ً. وذلك بعد ان كاشفت بهذا البيع السيد البطريرك ومجمع نشر الايمان المقدس. وابتدأت في البناء في السنة المذكورة بنوع انني انجزت سنة 1875 قسما ً كبيرا ً منه وادخلت الطلبة اليه في اول تشرين الثاني من هذه السنة. وواصلت السعي في تكملة هذه المدرسة. فوهبني الله التوفيق. فكان اكثر البناء القائم الآن مع الكنيسة كاملا ً في آخر سنة 1878.

"فمزيد اهتمامي بهذا المشروع والقائي الخطب في كنيسة بيروت الكبرى مدة الصوم مع الانقطاع والصوم سببت لي مرض احتقان الدماغ سنة 1875 ولولا براعة النطاسي الشهير الدكتور سوكه الافرنسي لكنت من يومئذ في الابدية. ولما بللت من مرضي اشار علي بالسفر الى اوروبا. فعملت بمشورته وسرت الى رومه اولا ً. ونلت حظوة كبرى بعيني السعيد الذكر البابا بيوس التاسع والمثلت الرحمات الكردينال فرنكي رئيس مجمع نشر الايمان المقدس. فدفع الى نيافته كتب توصاة الى فرنسة لمساعدتي بمشروعي المذكور. وكنت قد ارسلت الخوري يوسف الزغبي والخوري لويس زوين الى فرنسة للتكمل بعلومها ومعاونتي بعد عودتهما على ادارة المدرسة. فسلمت اليهما كتب التوصاة فجمع احدهما الخوري لويس من فرنسة نحو عشرين الف فرنك. والخوري يوسف الزغبي هذا القدر من بلجيكه وانكلتره. فأوقفتهما بعد ذلك عن السؤال. فكان الداخل لهذا المشروع نحو اربع مئة الف قرش من ثمن العقارات المذكورة ومئتي الف قرش ونيف من الاحسانات المشار اليها. وما كلفت احدا ً من ابناء ابرشيتي او غيرها يدفع شيئا ً. ولا سألت بنفسي شيئا ً من احد في اوروبا. ولا اعلم كيف بارك الله هذا العمل المقصود منه وجهه الكريم ونفع القريب حتى كان مجمل ما صرفته في هذه المدرسة من نفقة البنا والاثاث وشرا العقارات وتعمير مساكن للاجرة نحو ثلاثين الف ليرة افرنسية الى الآن (1902).

"وقد نجحت والحمد لله هذه المدرسة ولا ينقص تلامذتها في كل سنة عن ثلاث مئة طالب السواد الاعظم منهم داخليون. وقد نبغ منها كهنة علماء وخطباء وشعراء وكتاب. وكنت ارسلت اخي الخوري بولس بعد اتمام دروسه في مدرسة عين ورقة الى باريس سنة 1875 للتكمل في دروسه ومراعاة ادارة المدارس في اوروبا. فعاد الي سنة 1880 وعهدت اليه بادارة هذه المدرسة ورئاستها فأتم ذلك بما يرضي الله ويعزيني عن اتعابي.

"وبارك الله مساعي الخوري لويس زوين والخوري يوسف الزغبي واتاح لهما التوفيق. فشرى الخوري لويس زوين بعد عودته دار الامير منقذ شهاب في غزيروزاد عليها وجعلها مدرسة على اسم مار لويس لقبول طلبة عالميين واكليريكيين. وكذلك الخوري يوسف الزغبي فانه بعد عودته من اوروبا وارتقائه الى اسقفية قبرس بنى طبقة عليا فوق الطبقة السفلى (في قرنة شهوان) وجعلها مدرسة اكليريكية وعالمية".

الانتاج الفكري في العلوم والآداب واللغة
.
واستتب الامن في لبنان بفضل الانظمة الجديدة وساد السلام والوئام بين ابنائه وبدأت المدارس الثانوية والكليات العالية تزف خريجيها الى المجتمع اللبناني. وتعددت الجمعيات العلمية والادبية وكثر عدد المطابع وزاد عدد المجلات والجرائد. فأصبحت بيروت مركز الفكر الحديث في الشرق العربي ومبعث العلوم العصرية ومنشأ رجال الصحافة وكتاب الادب والسياسة.

ترجمة القوانين


وقضت الحاجة بنقل القوانين الجديدة من التركية الى العربية. فنقل نقولا نقاش "وكيل الدعاوي" قانون الاراضي الى العربية وطبعه في بيروت في السنة 1873 ثم عرب قانون التجارة فقانون تشكيلات المحاكم النظامية فقانون اصول المحاكمات الحقوقية فقانون اصول المحاكمات الجزائية. وأصدرها جميعها في السنتين 1881 و1882. وكان نوفل نوفل الطرابلسي يعنى في الوقت نفسه بتعريب الدستور فتم له ذلك في السنة 1880 ونشره في بيروت في مجلدين ضخمين في السنة 1881. فقدرت الحكومة العثمانية عملهما وانعمت عليهما رتبا ً ومالا ً - ثلاث مئة ليرة عثمانية لنوفل نوفل! وكان هذا مبلغا ً كبيرا ً في ذلك العصر.

ترجمة التوراة والانجيل


وأكمل المرسلون الاميريكيون ترجمتهم للتوراة والانجيل بالتعاون مع المعلم بطرس البستاني والشيخ نصيف اليازجي والشيخ يوسف الاسير وطبعوها في السنة 1868 فعمد الآباء اليسوعيون لمنافستهم واستقدموا الاب اوغوسطين روده ووكلوه أمر التعريب. ولكنهم رأوا ان امانة التعريب لا تفي بالمرام ان لم يعط المعرب حقه من الفصاحة والبلاغة بتنقيح العبارة وسبك الكلام. فاستقدموا الى مدرستهم في غزير الشيخ ابراهيم اليازجي ابن الشيخ نصيف وتعاقدوا معه في اثناء السنة 1872. فكان ينظر فيما يعرضه عليه الاب روده فيدقق فيه. ويتفاوض الفريقان الى ان يتفقا. ودرس الشيخ ابراهيم العبرية لتطبيق عبارة التعريب على الاصل. فجاءت هذه الترجمة أصح الترجمات لغةً وأفصحها عبارة واجزلها اسلوبا ً. وظهر المجلد الاول منها في السنة 1876 وانتهى طبع الانجيل في السنة 1881 وتأفف الشيخ اليازجي من القيود التي فرضها الآباء عليه في تنقيح الانجيل.

دوائر المعارف


وشعر علماء لبنان وادباؤه في بدء هذه النهضة بالحاجة الى موسوعات في شتى حقول المعرفة ولا سيما في حقول العلوم الطبيعية والطبية والثابتة وفي حقلي التاريخ والجغرافية. فما وضعه العرب من قبل كان قد اصبح عتيقا ً لا يعمل به وما قام به رجال النهضة في مصر في عهد عزيزها محمد علي الكبير كان قد أصبح بدوره ناقصا ً متأخرا ً. نقول شعروا بهذا كله فاقدموا على التصنيف افرادا ً في مواضيع كانت ولا تزال تتطلب جهود الجماعات.

ففي السنة 1870 اتفق سليم شحاده وسليم الخوري في مكتب جريدة حديقة الاخبار في بيروت ان يصنفا دائرة للمعارف التاريخية والجغرافية مرتبة ترتيبا ً هجائيا ً وافية مفيدة. وفي السنة 1875 أصدرا الجزء الاول من القسم الجغرافي من هذه الموسوعة بعنوان "آثار الادهار" وتوفي أحدهما سليم الخوري بالهواء الاصفر في صيف هذه السنة فبقي سليم شحاده وحده مثابرا ً على العمل ونشر الجزء الثاني في اواخر السنة نفسها والثالث في ربيع السنة 1876 فالرابع والخامس. وفي السنة 1877 أصدر سليم شحاده الجزء الاول من القسم التاريخي مصدرا ً بمقدمة في فلسفة العمران بحث فيها عن الانسان وشؤونه ثم استرسل الى علم التاريخ واحواله ومنشئه ونتائجه "فجاء بما لم يجىء به الاكبار علماء العمران".

وكان المعلم بطرس البستاني زعيم الحركة الفكرية الادبية لا يزال يتابع اعماله العلمية المفيدة فأنجز في السنة 1875 تبويب دائرة للمعارف كلها وأصدر الجزء الاول منها في السنة 1876. وما زال يتابع اصدار هذه الدائرة كل سنة جزءا ً كبيرا ً حتى أصدر منها ستة ً قبل وفاته سنة 1883. وقام ابنه سليم بالمشروع بعده فأصدر السابع في السنة 1883 والثامن في السنة 1884. وتوفي في شبابه فتابع العمل ابناء بطرس الباقون بالتعاون مع نسيبهم سليمان البستاني حتى الجزء الحادي عشر الذي انتهى بكلمة "عثمانية".
وظهرت دائرة البستاني منذ ولادتها متقنة محكمة التأليف غزيرة المادة سلسلة العبارة واضحة المعنى. ولا غرو فالبستاني الكبير تميز بحسن التبويب ووضوح التفكير وسلاسة الاسلوب في عصر كان الادباء فيه لا يزالون يقلدون الاقدمين "بالاستعارات الباردة والجناسات المضحكة والاسجاع التافهة".

خصائص لغة العرب

وكان فارس الشدياق قد أردف كتابه الساق بسر الليال في القلب والابدال وبالجلوس على القاموس فانتقد الفيروزبادي في خطته وعبارته ومعاني الفاظه واشتقاقها وما شاكل ذلك. وقلب كتب الآستانة ولا سيما مخطوطاتها فنشر في مطبعته كتبا ً عربية كثيرة نادرة فسهل تناولها.

وكان فارس في هذه الحقبة منهمكا ً في درس خصائص الحروف الهجائية العربية فألف ما أسماه "منتهى العجب في خصائص لغة العرب" وقال انه من خصائص حرف الحاء السعة والانبساط اي ان الالفاظ التي تنتهي بحرف الحاء يكون في معناها شيء من خصائص هذا الحرف نحو الابتاح والبراح والابلنداح والرحرح والمسفوح والمفرطح والمسطح. ويقول انه من خصائص حرف الدال اللين والنعومة والفضاضة نحو التيد والثأد والخود والرهادة والفرهد والاملود. وانه من خصائص حرف الميم القطع والاستئصال والكسر نحو ارم وترم وجزم وجلم وخسم وحطم. قضى الشدياق في تأليف هذا الكتاب المطول في اللغة سنين عديدة. ونحا فيه نحوا ً حديثا ً واطال فيه حتى بلغ مجلدات عديدة.

هو فارس ابن يوسف الشدياق. ولد في عشقوت لبنان سنة 1804 ونشأ في الحدث بالقرب من بيروت. ودرس في مدرسة عين ورقة في لبنان. وخلع اخوه اسعد مذهب اجداده وتقبل المذهب الانجيلي. فاضطهده بطريرك الموارنة وتوفي في دير قنوبين. وكان فارس شديد التعلق باسعد فكره الاقامة في لبنان والتجأ الى المرسلين الاميريكيين فارسلوه الى مصر فدرس فيها العلوم العربية. وكان شديد الرغبة في تفهم مآخذ الكلام كثير الولع بالشعر. وتقرب من خيرة علماء مصر فأوصلوه الي معية العزيز وتولى كتابة الوقائع المصرية فكتب فيها بالعربية. وكانت في بدايتها تحرر بالتركية فقط. وتزوج في هذه الآونة من بيت الصولي فولد له فائز وسليم.

وفي السنة 1834 سافر الى مالطة وتولى تصحيح ما كان يطبعه المرسلون الاميريكيون فيها وعلم في مدارسهم وبقي فيها اربع عشرة سنة. ثم طلبته جمعية ترجمة التوراة في لندن لتصحيح ترجمة "لي" العربية. وألف في اثناء اقامته في اوروبة ما بين لندن وباريز كتابه كشف المخبا في احوال اوروبا وكتابه الساق على الساق فيما هو الفارياق. فوصف في الاول مشاهداته في اوروبة وصفا ً دقيقا ً وباسلوب رقيق للغاية. واراد من كتابه الثاني امورا ً ثلاثة فيما يظهر: الاول احواله الشخصية وما قاساه في اوائل حياته والثاني التنديد بجماعة من الاكليروس الماروني ورجال الحكم في لبنان والثالث هو الاعم ايراد الالفاظ المترادفة في اللغة في مواضيع مختلفة مما لا يوجد في كتاب واحد.

واتفق في غضون اقامة فارس في باريز ان احمد باشا باي تونس زار عاصمة الفرنسيس ووزع على فقرائها وغيرهم اموالا ً طائلة. فنظم فارس قصيدة يمتدح الباشا بها ورفعها اليه. واعجب الباي بها فبعث الى فارس يستقدمه اليه على ظهر سفينة حربية. وكاد الشاعر اللبناني لا يصدق ما رأى فقال "لعمري ما كنت احسب ان الدهر ترك للشعر سوقا ً ينفق فيها ولكن اذا اراد الله بعبد خيرا ً لم يعقه عنه الشعر ولا غيره". فأم تونس ووجه اليه بايها ارفع المناصب. واعتنق فارس الديانة الاسلامية في تونس على يد شيخ الاسلام وسمي احمد تبركا ً فصار اسمه احمد فارس الشدياق. وحرر في جريدة الرائد التونسي ووصلت اخباره الى الآستانة. فطلبته الصدارة العظمى واولته تصحيح الطباعة الرسمية. وأصدر الجوائب فيها ونال الرتب والنياشين. وألف فيها ما مر ذكره. وزار مصر في السنة 1886 فزاره الوزراء والعظماء وتشرف بالمثول بين يدي خديويها. ثم عاد الى الآستانة وتوفي فيها شيخا ً جليلا ً فرثاه الكبراء والعظماء واوفد السلطان عبد الحميد من مثله في احتفال الجنازة. ونقلت جثته الى لبنان عملا ً بوصيته ودفنت في الحازمية بالقرب من بيروت.

تعليم اللغة العربية باسلوب جديد

وقام في الشوير في هذه المدة نفسها لبناني آخر اخذ العلم عن المرسلين الانكليز فلمس عقم الطرق القديمة في تعليم اللغة العربية وهب يسعى لاستبدالها بما يتفق ومفهوم الاولاد فأخرج "مدارج القراءة" وخرج بها على كل قديم فدخل بعمله هذا في مصاف هؤلاء الاركان.

هو جرجس ابن نجم همام أبصر النور في بيت فقير من بيوت الشوير في السنة 1857 ونشأ نحيف البنية فرفق به والداه وأرسلاه الى مدرسة القرية اليومية الانكليزية. وكان ذكيا ً متوقد الفؤاد شديد الرغبة في العلم يلتهم دروسه اليومية التهاما ً فأعجب به معلموه وفاخروا بذكائه وتفوقه. وفي السنة 1870 جاءت لجنة انكليزية تتفقد المدارس الانكليزية في لبنان. وزارت هذه اللجنة مدرسة الشوير فلفت جرجس نظرها فأوصت بنقله الى المدرسة العالية في سوق الغرب ليتابع دروسه فيها ويتدرب على التدريس.

وفي خريف السنة 1872 أوفدت ادارة هذه المدارس العليا القس يوحنا راي الى لبنان ليضبط حسابات المدارس ويقوم بالخدمة الروحية اللازمة. فاستقر المستر راي في سوق الغرب وكثر احتكاكه بالطلبة فأعجب كل الاعجاب بجرجس واستقى له مساعدة مالية خاصة من بلاد الانكليز تكفي لدفع الرسوم المدرسية عنه ولتغطيه سائر نفقات التعليم. وفي السنة 1873 استقال المستر روز من التعليم في مدرسة سوق الغرب وقبل وظيفة في مدرسة عبيه الاميريكية وكان يجيد التعبير في العربية فأمسى المستر راي دون اي معاون يترجم له ولا سيما وان المعلم الياس الصليبي كان قد استقال من العمل في هذه المدارس في الوقت نفسه. فالتجأ المستر راي الى مواهب الفتى الشويري وقام هذا باعمال الترجمة دون سابق خبرة خير قيام فاستكبر القس الانكليزي نجاحه وكتب بذلك مرارا ً الى بلاد الانكليز. وأظهر جرجس في هذه الآونة نفسها مقدرة غير عادية في تفهم العلوم الرياضية ولا سيما الجبر والهندسة وزادت رغبته فيهما لما وجده في شخص استاذه الانكليزي من التفوق في هذه العلوم فبدأ ترجمة مقالات اقليدس في الهندسة السطحية التي ظهرت فيما بعد في كتاب عربي خاص.

واشتد الخلاف والتنافر بين المعلم الياس الصليبي وبين خلفه القس يوحنا راي فرأى هذا ان يبتعد عن خصمه وان يتخذ لاعماله مقرا ً آخر بعيدا ً عن سوق الغرب. وكان قد لمس اقبالا ً على التعلم في الشوير اكثر من سواها ورآها تتاخم الموارنة في كسروان فانتقاها مركزا ً جديدا ً لعمل ارساليته. ونقل اليها المدرسة العالية في السنة 1874 وابتاع أرضا ً تطل على القرية وانشأ فيها الابنية اللازمة التي لا تزال قائمة حتى هذه الساعة. فزادت رغبة جرجس في العمل واندفع في سبيله ايما اندفاع وأصبح بعد برهة وجيزة المعلم الاول في هذه المدرسة العالية الجديدة.

وما أن تولى جرجس الاشراف على التدريس في هذه المدرسة حتى هب يعالج طرق تدريس اللغة العربية نظرا ً للتفاوت الهائل بين هذه الطرق وبين الطرق التي كان اتبعها في تعلم اللغة الانكليزية. "وكتب لي ان شببت بعيد اوائل النهضة فشددت للعلم مئزر الطلب وسعيت على قدم الثبات والدأب. فوفق لي ان أصبت من العلوم وبعض اللغات العصرية حظا ً صالحا ً. ثم اتخذت التدريس خطة لي. فخبرت المسالك دارسا ً سهلها وحزنها وسبرت المدارك مدرسا ً جليلها وطفيفها. وادركت ما في بعض كتب التدريس من التخلف عن حاجات المدارس ومقتضيات العصر. وما في البعض الآخر من التعقيد الذي تضطرب به اسباب الاكتساب وتخمد عنده عزائم الطلاب الى غير ذلك مما عمت الشكوى منه وكان ولا يفتأ مدعاة للاعراض عن العربية والانصراف الى غيرها".

وكان الاحداث اللبنانيون لا يزالون يتعلمون القراءة في الكتب المنزلة وباسلوب "أبن مب" القديم العقيم. فأخرج جرجس همام في السنة 1881 "مبدأ المدارج" وضمنه الف باء و جملا بسيطة مألوفة ومستحبة عند الصغار ادركوا معناها ورغبوا في قراءتها:

"هاذي دار في ها فار
رح يا طق مت يا بق"

وأردف مبدأ المدارج باول المدارج: قصص بسيطة عن الحيوانات الاليفة ومواضيع واشعار تحبب القراءة الى الصغار ويستفيدون منها آدابا ً. ثم ثاني المدارج وجاء اعلى من الاول موضوعا ً وعبارة واشتمل على حكايات ادبية وقصص عن الحيوانات واشعار للاستظهار وفوائد علمية ولغوية توافق سن الاولاد:

"خرج التلاميذ ذات يوم الى ساحة المدرسة. ثم خرج المعلم بعدهم لكي يلعب معهم. وسألهم قائلا ً باية لعبة تريدون ان تلعبوا. فأجابه بعضهم نلعب بلعبة التفاحة. وقال آخرون لا بل نلعب بالطابة ونحن اكثر عددا ً من الذين يحبون لعبة التفاحة. فقال المعلم اذا ً نتبع الجانب الاكبر. ثم وقف على محل عال في طرف الساحة وجعل يرمي الكجة الى الاولاد. وعند انقضاء وقت اللعب طن جرس المدرسة. فدخل التلاميذ كل واحد الى مكانه. ثم وقف المعلم وقال لهم: اسمعوا يا اولادي فأقص عليكم قصة ً عن كجة كبيرة عجيبة. فسكت التلاميذ جميعهم وجلسوا هادئين لا يتحركون. وعيونهم شاخصة الى المعلم. فقال يوجد كجة كبيرة جدا ً معلقة بالسماء. مزينة بالاعشاب والازهار. وعليها جبال عالية واودية عميقة تجري فيها الانهار. ومن الغريب انها لا تسكن دقيقة واحدة. بل تتحرك على الدوام بما عليها من الاعشاب والازهار والجبال والاودية والانهار. ومع سرعة حركتها الغريبة تظل الانهار جارية في مجاريها والجبال قائمة في مراكزها. وهذا الكجة هي الارض التي نعيش فيها. ونبني عليها البيوت والقرى. وفي غاباتها تسكن الوحوش والطيور".

وجاء بعد ثاني المدارج ثالثه فرابعه فخامسه انتقل فيها هذا "المعلم" المطبوع الى القصص الادبية والدروس في التاريخ الطبيعي والفوائد العلمية واللغوية الى دروس الحيوان والنبات وقصائد مفسرة وتراجم مسهلة – الى حيث ابتدأ الآباء اليسوعيون بمنتخباتهم الادبية التي ظهرت فيما بعد في سلسلة مجاني الادب.

التاريخ والمؤرخون

وكان جرجي يني شديد الاحتكاك بهؤلاء الابطال فهب يساهم في العمل وأعد تاريخا ً لجميع الاقطار الشامية اسماء تاريخ سورية ونشره في السنة 1881. وكان يحسن قراءة الانكليزية والافرنسية فاطلع على بعض ما جاء في هاتين اللغتين بالاضافة الى أهم المراجع العربية فأخرج اول تاريخ عصري لهذه الاقطار.
"واذا نظرنا الى التاريخ وبحثنا عن اسباب نهوض الامم وسقوطها يتضح لنا ان الاسباب التي ترتفع بالامم وتنحدر بها محصورة بالاكثر في خمس حالات للصعود وثلاث للهبوط. اما حالات الصعود فهي اولا ً العصبة الدينية ومثالها دولة العرب في الاسلام وثانيا ً الفوز الحربي والنظام الاداري كفتح كورش مملكة مادي وفارس وادارتها الادارة الحسنى والاستشارة جيدا ً في المصالح العامة وثالثا ً تشييد الملك بالسيف والعلم والحكمة كاليونان والرومان ورابعا ً بالعدل والحرية وخامسا ً التجارة ومثالها دولة الفينيقيين الذين بلغت سعودهم درجة عليا.

"اما حالات الهبوط الثلاث فهي اولا ً سوء الادارة وقلة الاحتراس وفساد الاخلاق كالرومان مثلا ً وثانيا ً الظلم والشقاق كبعض الممالك الرومانية واليونانية والعربية وثالثا ً تواتر الحروب وتعاقب الدول وحسبك في ذلك سورية ومصر".

وعني مواطن يني نوفل نوفل (1812 – 1887) بالتاريخ وجمع له مكتبة نفيسة فكتب المقالات والرسائل في مواضيع معظمها جديد في العربية ونشرها في مجلة الجنان وفي لسان الحال. وألف في تاريخ العلوم وتسلسل الآراء "زبدة الصحائف في اصول المعارف" و"زبدة الصحائف في سياحة المعارف" ونشر هذين المؤلفين في السنتين 1873 و1874 ثم "سوسنة سليمان في اصول العقائد والاديان" و"صناجة الطرب في تقدمات العرب" وصدر هذا بمقدمات جغرافية عن جزيرة العرب ثم تبسط في اقسام العرب وتقاطيعهم واوصافهم وملابسهم ومساكنهم ومآكلهم ومعابدهم واديانهم. واردف هذا بكلام عن اخلاقهم وشجعانهم وخيولهم وابلهم وجيوشهم واسلحتهم وحروبهم ودولهم. ثم بحث في اصول العلوم عند العرب علما ً علما ً وكيف نشأت عندهم او وصلت اليهم.

وأجاد نوفل التركية والعربية فأكب على درس التواريخ التركية كتاريخ خير الله افندي وتاريخ جودت واستخلص من هذه وغيرها تاريخا ً للاقطار الشامية والمصرية في عهد الاتراك العثمانيين أسماه "كشف اللثام عن محيا الحكومة والاحكام في اقليمي مصر وبر الشام" وأردفه بخاتمه ذكر فيها أخبار ابراهيم باشا في سورية ولبنان فدون ملاحظاته الشخصية وآراءه الخصوصية في سير العدل والعدالة في هذه الحقبة مبررا ً سلوك والده في "مباشرية" طرابلس في عهد ابراهيم باشا.

ودون الدكتور مخائيل مشاقة في هذه الفترة نفسها "جوابه على اقتراح الاحباب". وهو كتاب جزيل الفائدة حكى فيه ميخائيل مشاقة حكايته الشخصية – كيف نشأ وكيف تلقى علومه الاولى وكيف درس الفلك والطب وغيرهما من العلوم. ووصف حالة لبنان السياسية والاجتماعية وصفا ً دقيقا ً مضبوطا ً فاتحف المؤرخين بعده بمرجع من افضل المراجع لتاريخ لبنان في اواخر القرن الثامن عشر وفي النصف الاول من القرن التاسع عشر. ودون في آخره مشاهداته العيانية لحوادث دمشق في السنة 1860. وهو لا يزال يعتبر مخطوطا ً غير مطبوع لان ما نشره ملحم خليل عبده واندراوس حنا شخاشيري سنة 1908 ونسباه اليه – كتاب مشهد العيان بحوادث سوريا ولبنان – بعيد عن الاصل المخطوط لما تضمنه من شطب وتنقيص وزيادة وتقويم للعبارة.

التمثيل والروايات

وكان مارون النقاش الصيداوي البيروتي قد شهد مراسح اوروبة فاعجبه التمثيل وأحب نقله الى العربية. فلما عاد الى تجارته في بيروت جمع نخبة من اصدقائه وألف لهم رواية البخيل ومثلها في منزله في بيروت سنة 1848. فكانت هذه اول رواية تمثيلية في اللغة العربية. ثم ألف مارون رواية ابي الحسن المغفل او هارون الرشيد ومثلها سنة 1850 في منزله ايضا ً ودعا اليها والي ايالة صيدا وبعض الوزراء والاعيان فاعجبوا به واثنوا عليه. فانشأ اول مسرح عربي بجانب بيته بالقرب من باب السراي في بيروت. وشخص في روايته الحسود وغيرها. وحذا برواياته هذه حذو موليير الفرنسي. وتوفي مارون في طرطوس سنة 1855 فاشتهر بعده سعد الله البستاني ثم سليم النقاش ابن اخي مارون.

وأقبل عدد لا يستهان به من الشبان اللبنانيين على فن التمثيل. وكانوا يمارسونه رغبة فيه لا في كسب المال. فاشتهروا به ولاقوا تشجيعا ً وتقديرا ً. وكان من حظ سليم النقاش ان رغب اديب اسحق في التمثيل. فترجم الاثنان روايات تمثيلية كثيرة الى العربية.

وتحدث الناس بعظمة اسماعيل باشا خديوي مصر وفخامة مرسحه الاوبرا في القاهرة وعطفه على العلم والادب فقام سليم النقاش واديب اسحق ومعهما جوق من الممثلين اللبنانيين الى الاسكندرية في السنة 1876 ومثلا روايات متعددة في مرسح زيزينيا فلم يلقيا نجاحا ً. فانصرفا الى الصحافة وتخليا عن الجوق اللبناني الى احد افراده يوسف الخياط. وفي السنة 1878 قام الخياط برجاله الى القاهرة فسمح له اسماعيل بتمثيل رواياته في الاوبرا وحضر التمثيل بنفسه. فلم يحسن الخياط انتقاء الموضوع اذ مثل في حضرة الخديوي رواية الظلوم. فغضب اسماعيل من ذكر الظلم والظالمين وتوهم ان الخياط وجوقه انما يعرضون به وباحكامه. فأمر باخراج الخياط وجوقه من مصر. فعادوا الى لبنان. وفي السنة 1882 قام سليمان القرداحي بجوق آخر الى مصر وفيه الشيخ سلامه حجازي فمثلوا في الاوبرا حتى الحوادث العرابية! ثم اقفلت الحكومة المصرية الاوبرا في وجه كل ممثل عربي.

رواية الشيخ خليل اليازجي

هو أصغر اولاد الشيخ نصيف. ولد في بيروت سنة 1856 ودرس اللغة والادب على والده في البيت. ثم التحق بالجامعة الاميركية فبرع في الطبيعيات والرياضيات ونظم ما تلقاه عنها شعرا ً. وعني بالفن الروائي. فنظم ألفية في قصة حنظلة الطائي والملك نعمان وجعلها رواية تمثيلية غنائية مثل فيها فضيلة المروءة والوفاء. وقدمها للجمهور البيروتي في السنة 1878 فلاقت استحسانا ً واعجابا ً.

وابناء الغنى والوجاهة

واكسب العلم ذويه وجاهة ً وتقديرا ً ومكانة ً واحتراماً. فأقبل عليه ابناء الغنى والوجاهة والتقطوه وفاخروا به. وأشهر هؤلاء في هذه الاونة الحاج حسين بيهم ابن الحاج عمر "جلبي افندي" وجيه بيروت الاكبر في عصر الشهابي الكبير. ولد حسين سنة 1833 ودرس على الشيخ محمد الحوت والشيخ عبد الله خالد. وتعاطى التجارة. ثم جرفه تيار هذه النهضة التي ندرس فانقطع الى العلم والادب ونظم أرجوزة في العلم وشرفه نشرت في اعمال الجمعية العلمية السورية. ولما توفي رئيس هذه الجمعية الاول الامير محمد ارسلان عهد الاعضاء الى حسين بالرئاسة. وكان "ثاقب الرأي كريم الاخلاق عالي الهمة" فأحبه اللبنانيون على اختلاف مذاهبهم وطبقاتهم. وكانت السنة 1876 ووضع قانون اساسي للدولة العثمانية وتشكل مجلس للنواب فشخص الحاج حسين الى الآستانة ليمثل سنجق بيروت الذي كان لا يزال ثابعا ً للولاية. وأعجبته الروايات اللبنانية التي ترجمت او ألفت في السبعين فكتب رواية أدبية وطنية مثلت مرارا ً في بيروت وقرظها زملاؤه الادباء.

وعني الحاج حسين بشعر "المناسبات" فجاء نظمه رشيقا ً. وكان يقوله ارتجالا ً ويخرجه في بعض الاحيان على صور مبتكرة. ومما حفظ له قوله في تاريخ انشاء التلغراف في بيروت:

لله در السلك قد أدهشت عقولنا لما على الجو ساق
فأعجب الكون بتاريخه شبيه برق او شبيه البراق

وقوله في تهنئة محمد فؤاد باشا بوزارة الخارجية. وقد اخطأ الاب شيخو في هذا فجعل الوزير المهنأ الحاج حسين نفسه:

ان الفؤاد له في الملك معرفة فالخارجية لم تترك نظارته
لذاك سلطاننا المنصور رد له مع حسن انظاره أرخ بضاعته

وتوفي الحاج حسين في اواخر كانون الثاني من السنة 1881 ففقدت بيروت أحد أركانها. ورثاه الشيخ ابو الحسن الكستي فقال مما قال:

حويت خصالا ً جل في الناس قدرها وما كل انسان تجل خصاله
عفاف ومعروف وعلم ورقة وفضل ومجد قل فينا مثاله

وكان سليم بسترس على غناه ووجاهته ميالا ً الى العلم راغبا ً في اكتسابه ونشره. "وذلك نادر في بلادنا. فهو يجدر ان يكون مثالا ً لاهل اليسار وفيهم من يحسب العلم مهنة الفقراء. واذا قيل لهم تعلموا قالوا وما ينفعنا العلم ونحن لا نحتاج الى كسب كأن العلم والغنى لا يتفقان!".

هو سليم ابن موسى بسترس ولد في بيروت سنة 1829 وكان الولد الذكر الوحيد لوالده. وكان والده عين قومه. وتوفي موسى بسترس في السنة 1850 فقامت ام سليم بسترس بتربية وحيدها وتعليمه. ولم يلبث هو ان حصل من المعاف والاداب واللغات ما ندر تحصيله في ذلك العصر. وسافر سليم الى اوروبة وزار عواصمها وكبريات مدنها وعاد الى بيروت فصنف كتابا ً اسماه "الرحلة السليمية" حض فيه اللبنانيين على التقدم وضمنه كثيرا ً من النصائح. ومما قاله في تقدم الامم: "انه يكون بالاتحاد والتعاضد وبتغيير عناصر التعصب وباتباع السنن العمومية وان افراد الرجال هم الذين يبثون الآراء الصحيحة بين الناس بكتاباتهم وكلامهم وقدوتهم".

وكان سليم صادقا ً كريما ً فاضلا ً نبيلا ً. وقد نال حظوة كبيرة في عاصمة الروس عندما قبل القيصر اسكندر الثاني ان يكون عراب ابنه موسى في السنة 1875 وتقبل القيصر اسكندر الثالث من جرن المعمودية ولدا ً آخر من اولاد سليم هو فلاديمير! وتوفي سليم في لندن في السنة 1883.

وفي السنة 1870 طلبت الحكومة الروسية الى قنصلها في بيروت ان يرسل الى بطرس برج لبنانيا ً قديرا ً يتولى تدريس اللغة العربية فيها فيدرس عليه من يتهيأ من الروس للخدمة السياسية في الشرق العربي. وكان سليم نوفل الطرابلسي قد اكتسب بجده واجتهاده شطرا ً وافرا ً من العلوم الاجتماعية وعددا ً كبيرا ً من اللغات بينها العربية والتركية واليونانية والعبرية والفرنسية والانكليزية والايطالية والروسية فاختاره القنصل وأرسله الى بطرس برج ومعه عائلته. وما ان اقام فيها وتعرف الناس اليه حتى اكتسب ثقة اهل البلاط ورجال الحكومة وصار فيما بعد احد مستشاري الدولة. وكتب بالافرنسية كتاب الزواج والطلاق وسيرة النبي العربي ومقالات عديدة.
وممن عني بالعلم والادب من ابناء الغنى والوجاهة في هذه الحقبة الشاعر اسعد طراد. ولد في بيروت في السنة 1835 وتعلم في عبيه في مدرستها الاميريكية وقرأ العلوم العربية على اشهر اساتذة عصره وتردد كثيرا ً الى الشيخ نصيف اليازجي وتعمد شعره من حيث السهولة والمتانة.

الى اليازجي اليوم تسعى ركابنا كأهل الظما من بحره نطلب الشربا
لن دثرت كتب الاولى قد تقدموا من العرب هذا صدره جمع الكتبا
وأصعب شيء عنده منع فضله وأهون شيء ان يحل لك الصعبا

وقال في الاختراعات الجديدة بعد ان رحل الى مصر في السنة 1872 واقام فيها:

وجه لحاظك للبخار وقل له اني ارى مساء ً يجر حديدا ً
وانظر لسلك البرق والتلفون كم قد قربا ما كان منك بعيدا
غنت سليمى في الحجاز فأطربت مع بعدها اهل العراق نشيدا
ولسوف ان رقصت بمصر فقد نرى في اصبهان لقدها تأويدا

وأشياخنا

وتبقى هذه اللوحة الزيتية التي نحاول رسمها ناقصة مبتورة اذا نحن اهملنا ذكر اشياخنا ولا سيما الشيخ يوسف الاسير والشيخ ابراهيم الاحدب.

هو يوسف ابن عبد القادر الحسيني الاسير. ولد في صيدا سنة 1815 وتلقى مبادىء علومه فيها وختم القرآن في السابعة من عمره. وكان ابوه تاجرا ً ولكنه لم يمل الى التجارة. ولما بلغ السابعة عشرة رحل الى دمشق في طلب العلم والتحق بمدرستها المرادية وبقي فيها سنة كاملة. ثم توفي والده فعاد الى صيدا يدبر أمور أخوته. وبعد ان تم له ذلك سافر الى مصر والتحق بأزهرها واقام فيه سبع سنوات. فنبغ في العلوم العقلية والنقلية. وألم به مرض في كبده فعاد الى صيدا وانتقل منها الى طرابلس فقضى فيها ثلاث سنوات. واخيرا ً اختار الاقامة في بيروت "لجودة هوائها". وتولى فيها رئاسة كتابة محكمتها الشرعية. وتسابق اليه الطلبة والمريدون. وكان رقيقا ً وديعا ً لين الجانب واسع الصدر بعيد النظر فتقبل الطلاب من النصارى والمسلمين على السواء. فخرج على التقاليد الموروثة واندفع في تعليم النصارى علوما ً عربية كانت تعتبر خاصة بالمسلمين. وعاون بذلك معاونة قيمة في هذه النهضة التي نؤرخ. وتولى الافتاء في عكة. ثم دعاه متصرف لبنان الاول داود باشا الى بتدين فجعله مدعيا ً عاما ً في لبنان. وقام بعد ذلك الى الآستانة ليتولى رئاسة التصحيح في نظارة المعارف فنال مقاما ً رفيعا ً. وعرضت الصدارة عليه منصبا ً عاليا ً براتب جزيل فأبى رغبة في مواصلة برنامجه العلمي ومحافظة على صحته لانه لم يقو على برد عاصمة السلطنة. وعاد الى بيروت يعلم ويؤلف حتى وافته المنية في كانون الاول من السنة 1889.

واشتغل هذا الشيخ الفاضل في الفقه واللغة فخلف رائض الفرائض وشرح اطواق الذهب وجمع موشحاته وقصائده وابياته الحكمية في ديوان له اسماه الروض الاريض. وله في وصف لبنان بعد السنة 1860 قصيدة جاء فيها ما يلي:

نرى لبنان اهلا ً للتهاني فقد نال الامان مع الاماني
واضحى جنة من حل فيه قرير العين مسرور الجنان

وقال الشيخ نصيف اليازجي مادحا ً الشيخ يوسف:

اسير الحق في حكم تساوى فما يدرى الحبيب من البغيض
يقلب في المسائل كل طرف ويلقى الناس بالطرف الغضيض
امام الشعر يبتدع القوافي ويأمن دونها حول القريض
يقل له الثناء ولو اخذنا قوافيه من الروض الاريض

اما الشيخ ابراهيم الاحدب فانه ولد في طرابلس سنة 1826 وطلب اللغة والادب منذ نعومة اظفاره. ودرس في طرابلس وبيروت. ونظم الابيات الشعرية بالالوف فبلغ مجموع ما نظمه ثمانين الفا ً. وهو نادر بين الشعراء.

وزار الاحدب الآستانة في عهد السلطان عبد العزيز. وسافر الى مصر فرحب به علماؤها ولا سيما الشيخ عبد الهادي الابياري. وفي "الوسائل الادبية في الرسائل الاحدبية" ما دار بين الشيخين من المراسلات الادبية. واشتهر الشيخ ابراهيم ببراعته في الفقه الحنفي كما اشتهر زميله الشيخ يوسف الاسير بالفقه الشافعي فاعتمدت محاكم لبنان فتاويه. وتعاطى مهام رئاسة الكتاب في محكمة بيروت الشرعية نيفا ً وثلاثين سنة. وتوفي في السنة 1891.

واشتهر في بيروت في هذه المدة نفسها الشيخ ابو حسن قاسم ابن محمد الكستي. ولد في بيروت في السنة 1840. وأخذ العلوم العربية عن اشياخ زمانه. وبعد ان رسخت قدمه فيها درس المريدين من اهل الاسلام. وتوفي في السنة 1909. وله ديوانان احدهما مرآة الغريبة طبع في السنة 1279 ه. والآخر ترجمان الافكار ظهر في السنة 1299.

وعالم لا نفع في علمه ولم تكن اعماله صالحة
فهو بحكم العقل بين الملا كوردة ليس لها رائحة

وممن اشتهر في طرابلس في هذه الحقبة الشيخ محمد عبد القادر الميقاتي له ديوان "حسن الصياغة لجوهر البلاغة" والشيخ محمد الشهال له "عقد اللآل من نظم الشهال".

الجمعيات الخطابية

وكان قد انشىء في بيروت في السنة 1847 الجمعية السورية كما سبق فأشرنا. وكان الغرض منها نشر العلوم وترقية الفنون. وانتظم في عضويتها نيف واربعون في بيروت وحوالي العشرة مراسلين من دمشق وطرابلس وصيدا. وسعى اعضاؤها في جمع الكتب والصحف وأنشأوا مكتبة للمطالعة. ومما القي في ندوتها من الخطب والمحاضرات "لذة العلم وفوائده" للدكتور فانديك و"فضل المتقدمين على المتأخرين" له و"مقدار زيادة العلم في سورية ولبنان في هذا الجيل" للدكتور يوحنا ورتبات و"الشرائع الطبيعية" لسليم نوفل و"تعليم النساء" لبطرس البستاني و"مدنية بيروت" له و"علوم العرب" لليازجي الكبير و"السعد والنحس" لمخائيل مشاقة و"النبات" لنوفل نوفل.

وتجددت هذه الجمعية في السنة 1868 واعترفت بها الدولة العثمانية رسميا ً في 20 رمضان سنة 1248 (1868) وحضر اجتماعها الاول الصدر الاعظم الاسبق كامل باشا الذي كان آنئذ متصرف سنجق بيروت. وترأسها في تلك السنة الامير محمد ارسلان وتقبل عضوية عمدتها كل من حسين بيهم وحنين خوري وسليم البستاني وعبد الرحيم بدران وسليم شحاده وسليم رمضان وموسى فريج وحبيب الجلخ ورزق الله خضرا. وكان بين الاعضاء جماعة من كبار رجال السياسة في الآستانة منهم محمد فؤاد باشا ورشدي باشا ومصطفى فاضل باشا وصفوت باشا ورؤوف باشا وفي مصر سليمان اباظه واحمد اباظه.

وفي السنة 1869 انشئت في بيروت جمعية شمس البر فرعا ً لجمعية اتحاد الشبان المسيحيين في انكلترا. وكانت خطابية ايضا ً وان اشترط فيها بعض الشروط الدينية. وانتظم في سلك عضويتها عدد كبير من خريجي جامعة بيروت الاميريكية.

وتأسست في بيروت ايضا ً في السنة 1873 وبرخصة من الحكومة العثمانية جمعية زهرة الآداب. وجل اعضائها من متخرجي المدرسة الوطنية للمعلم بطرس البستاني وغيرها من المدارس الكبرى منهم سليمان البستاني واديب اسحق واسكندر العازار ويعقوب صروف وفارس نمر وابراهيم اليازجي وداود نحول. وكان الغرض من تأسيسها التمرس على الخطابة وقوة الحجة والدرس والبحث. وعني اعضاؤها بتأليف الروايات وتمثيلها وانفاق الدخل منها في سبيل الخير.

وشملت العناية بالخطابة في هذه الفترة في لبنان بعض الفتيات المتعلمات اللبنانيات. فانشأن جمعية علمية خطابية في بيروت ونشرن دستورها واعمالها في كتاب خاص سنة 1881.

الجمعيات التعليمية

وقد اشرنا فيما سبق ذكره الى جمعية المقاصد الخيرية البيروتية التي اوعز بانشائها ابو الاحرار مدحت باشا يوم كان واليا ً على سورية وذلك في السنة 1880. وقامت في السنة نفسها وللغاية نفسها جمعية طائفية اخرى هي جمعية زهرة الاحسان وقد سعى بها جماعة من سيدات وجهاء الروم في بيروت. وانشأت هذه الجمعية مدرسة زهرة الاحسان البيروتية وأناطت ادارتها بالسيدة لبيبة جهشان.

الجمعيات العلمية والفنية

وظهر منها اثنتان في وقت واحد من السنة 1882: المجمع العلمي الشرقي وجمعية الصناعة. وانشى المجمع في بيروت للبحث في العلم والصناعة. "واول من فكر فيه الدكتور يعقوب صروف والدكتور فارس نمر والدكتور وليم فانديك نجل الدكتور كرنيليوس وسليم موصلي باشا. فشكلوه ووضعوا قوانينه". وانضم اليه طائفة من علماء لبنان وخدمة العلم فيه منهم فانديك الكبير الذي تولى رئاسته و"فانديك الثاني" الدكتور يوحنا ورتبات والدكتور اسكندر البارودي والاستاذ جرجس همام والشيخ ابراهيم اليازجي والشيخ ابراهيم الحوراني وجرجي افندي زيدان وجرجي افندي يني واسبر افندي شقير. وكان بين الاعضاء المراسلين شفيق بك منصور وادريس بك راغب. ودامت اعماله بضع سنوات نشر منها اعمال السنة الاولى.

وقامت جمعية الصناعة في بيروت ايضا ً وكان اشدهم حماسا ً لها شاهين بك مكاريوس. وتوقفت بعد انتقال اصحاب المقتطف الى مصر.[/b]
Mon Mar 10, 2014 8:25 am View user's profile Send private message Send e-mail Visit poster's website
Display posts from previous:    
Reply to topic     discoverlebanon.com Forum Index » لبنان ... باللغة العربية
   
Page 1 of 1

 
Jump to: 


 
 
  Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved

Advertise | Terms of use | Credits