Back Home (To the main page)

Middle East fine art store

 

Sections

About us

Contact us

 
 
Home > Panoramic Views

الآثار القديمة في لبنان - منشورات الجامعة اللبنانية - (تابع)

الكتابات الرومانية في لبنان -
كما تعددت في لبنان الكتابات الحجرية اليونانية في ايام السلوقيين كذلك الرومان ابقوا لنا عددا ً عديدا ً من كتاباتهم اللاتينية في فينيقة وانحاء الجبل نذكر منها ما يأتي:

1- كثير من هذه الكتابات هي نذور وادعية وتقادم لمعبودات وطنية قد نشر منها الاب لويس جلابرت عدداً وافرا ً مما وجد خصوصا ً في دير القلعة اكراما ً للمشتري بعل مرقد البعلبكي الاله العظيم المكرم هناك. وربما ورد في تلك الكتابات مع اسم المشتري اسم الاله مركوريوس اي عطارد والالهة يونون الملكة او الالهة الزهرة عشترت (اطلب القسم الاول من منشورات المكتب الشرقي ص 175-188).

2- ومن هذه الكتابات ما ورد فيه ذكر القياصرة الرومانيين في انصاب اقيمت اجلالا ً لهم. مثل كتابة القيصر كلاوديوس في قلعة فقرا – وكتابتين لاهل بيروت اثنوا فيهما على الامبراطور طرايانوس قيصر وجد الواحدة منها الاب هنري لامنس في دير القلعة - ومثل كتابات متعددة وجدت في جهات الكورة والزاوية لادريانوس قيصر مرقومة على الصخور يستدل منها على احتكاره لاربعة ضروب من الشجر سبق ذكرها – ومثل ثلث كتابات ذكر فيها طيطس مرقس انطونينوس المعروف بالبار الواحدة فوق نهر الكلب والثانية وجدت في جديتا. اما الثالثة فباليونانية ترى فوق باب كنيسة عبادات من جهات جبيل - ومثل كتابة واسعة ترى في جهات اليمونة مضمونها تقدمة مستعمرة بيروت للقيصر سبتيميوس ساويرس المعروف بكراكلا - . ومثل كتابة دعاء لسبتيموس ساويرس برتيناكس وجدت في دير القلعة - وخصوصا ً كتابة سطرت ذكرا ً لقسطنطين الكبير الظافر وسلامة اولاده الثلثة وجدها اثري الماني في قرب نهر الكلب فنشرها رينان في كتاب بعثة فينيقية (ص 341).

3- وربما رسمت هذه الكتابات تنويها ً بذكر احد ارباب الدولة كالاثر الذي وجد في جبيل يشتمل كتابة لاتينية على قاعدة تمثال عزم اهل بيروت على نصبه لحاكم الشرق المسمى فلافيوس دوميطيوس ليونتيوس سنة 338 للمسيح في ايام قسطنطين الملك الكبير.
وكذلك روت مجلة المشرق في سنتها السادسة عشرة 1913 (ص 79) كتابة لاتينية وجدت مؤخرا ً في بيروت فنشرها الاب لويس جلابرت مؤداها الثناء على ضابط يدعى فالريوس روفوس اشتهر ببسالته في عدة وقائع فنال من فضل الامبراطور ادريان نحو السنة 129 للمسيح رتبة شرفية اذ جعله كنائبه في بيروت.

4- ومنها كتابات مدفنية وعددها وافر استخرجت من مدافن جبيل وبيروت وصيداء وجهات لبنان لا حاجة الى ذكرها. وقد سبق انهم كانوا يرسمون بقربها صورة خشبية يدعونها "نفش" اي النفس احياء لذكر الميت. ولعل الفينيقيين اخذوا ذلك عن الرومان.

5- وبعض هذه الكتابات لغايات معلومة كتحديد حدود الاملاك او تعريف اصحاب الاملاك او شكر على نعمة وما شاكل ذلك.

آثار رومانية شتى - في لبنان وسواحل الجبل آثار مختلفة اجمع ارباب الآثار على نسبتها الى الرومان. اخصها بعض الحصون والقلاع التي شيدوها لرد غارات العدو منها قلعة صربا التي كان قسم ابنيتها قائما ً في اوائل العصر الماضي ثم لم يزل البناؤون يقطعون حجارتها الضخمة لابنيتهم المستحدثة حتى كادوا يطمسون آثارها. ومنها قلعة فقرا التي مر ذكرها. ومنها قلعة يحمور جنوبي شرقي عمريت على مسافة ساعة ونصف منها وجد فيها كتابة لقسطنطين الملك باللاتينية – ومن آثارهم متاريس وخنادق نقروها في الصخر الاصم اعظمها شأنا ً ما يرى منها في انفة المدعوة قديما ً بمدينة ترياريس وكانت من المدن الساحلية المحصنة – ومنها ايضا ً آبار وصهاريج نحتوها في الصخر ليجمعوا فيها المياه بقي منها في طريق جبيل عين ماحوز والرويسة في راس بيروت وبعض الآبار في القرى القديمة كناوس وسمر جبيل وكفر شليمان.

هذه لمحة وجيزة عن الآثار الرومانية في لبنان وهي كما ترى عديدة وكلها ينبىء بعظم تلك الامة التي دهشت العالم بقوتها وحسن سياستها وانشائها للاعمال العادية الجبارية.

8- الآثار البوزنطية في لبنان


انقسمت الدولة الرومانية بعد قسطنطين وثاودوسيوس الى قسمين غربي فشرقي وما لبث قسمها الغربي مع عاصمته رومية ان صار في حوزة الامم البرابرة التي تقسمته بينها وجعلته عدة ممالك مستقلة. اما القسم الشرقي فبقي في ايدي ملوك الروم مع عاصمته القسطنطينية. وكانت سورية ولبنان من جملة البلاد التي يتولون تدبيرها وذلك الى حين ظهور العرب في القرن السابع.

ففي هذه الحقبة من الدهر لم يغض ملوك الروم طرفهم عن لبنان ومدنه الساحلية ناهيك برهانا ً على ذلك بمدرسة الحقوق البيروتية التي كان سبق انشاؤها عهدهم لكنهم بلغوها الى اوج فخرها لا سيما في القرن السادس للمسيح في ايام الملك يستنيان الذي وسع نطاقها وخصها بانعامات شتى وعول على اساتذتها دستور الشرائع الجامع لكل قوانين المملكة في كافة دوائرها العمومية والخصوصية.

واخص ما يذكر من آثار العهد البوزنطي كنائس قديمة وصف رينان آثارها في بعض انحاء لبنان منها كنيسة مشنقة ذكرها في بعثة فينيقية ونعتها بالاثر البوزنطي وقال ان ابنيتها الباقية حسنة وكذلك ذكر معبد ناوس فوق شبطين ورقى آثاره ونقوشه الى القرن السابع ومعبد كفر شليمان الذي تدل على اصله البوزنطي كتابة يونانية في احد جدرانه مرموز بها الى السيد المسيح. وكانت كنيسة حدثون من اجمل الآثار البوزنطية لكن الاهلين هدموها ليبنوا بدلا ً منها كنيسة جديدة اوسع منها. ولحسن الحظ قد وصفها قبل خرابها شاهد عياني فقال انها كانت ذات اسواق ثلث فيها سبعة ابواب ثلثة غربا ً ضمن دهليز وباب جنوبا ً ذو دهليز خاص وباب شمالا ً ضمن دهليز منقور في الصخر ثم بابان على جانبي الحنية البهية الصنع ووراءها الموفه. وكان للكنيسة اربع قناطر مرتفعة اثنتان على الجانب الايمن واثنتان على الايسر يستند طرف الواحدة الى الحنية وطرف الاخرى الى الحائط الغربي وكانت الكنيسة مبلطة بصغار الحجارة المنقوشة الملونة اي بالفسيفساء تمثل رسوما ً وتصاوير جميلة.

والحق يقال ان صناعة الفسيفساء قد برع فيها البوزنطيون ومنها امثلة مستجادة في بعض الكنائس القديمة في لبنان كفسيفساء كنيسة القديس جاورجيوس في مسرح وكنيسة كور القديمة. وكالفسيفساء التي وجدت في نبي يونس على طريق صيداء وهي تمثل دائرة ضمنها كأس حوله طيور كالطاووس والحجل وبعض الحيوانات الرمزية تاريخها سنة 544 م وقد اهداها داود باشا متصرف الجبل الامبراطور نابوليون الثالث وهي اليوم في متحف اللوفر في باريس.

والى هذا المتحف نقلت فسيفساء اخرى اوفر منها حسنا ً ورونقا ً اكتشفت في كنيسة قبر حيرام السابق ذكرها وقد قام يعملها عملة حاذقون لاكرام القديس كريستوفورس المكرم فيها سنة 701 لصور اي 575 للمسيح وفيها صور غاية في الدقة والبهاء تمثل في وسطها العابا ً ونقوشا ً بديعة وعلى جوانبها صفوف ذات دوائر بديعة في كل دائرة صورة انسان او حيوان او طائر او سمك مرموز بها الى فصول السنة ومنطقة البروج والرياح وغير ذلك وكانت تمتد في صحن الكنيسة يبلغ طولها 14 مترا ً و 42 سنتيمترا ً تشهد للبوزنطيين بالسبق في هذا الفن. وكذلك يخبرنا تاريخ العرب ان الخليفة الاموي الوليد بن يزيد لما اراد بناء الجامع الاموي في دمشق انتدب الى العمل صنعة من الروم اتقنوا بناءه وزينوه بضروب الفسيفساء مما اكتشف آثاره منذ عهد قريب فذكرته مجلة المشرق (في سنتها الرابعة عشرة ص 639). وكذا جرى في بناء الجامع الاقصى في القدس الشريف.

ومما يعزى ايضا ً للبوزنطيين بعض كتابات مدفنية لقوم من النصارى وجدت في محلات نختلفة لا سيما المدن الساحلية. منها كتابة وجدت في صيداء على صفيحة لمدفن دفن فيه اربعة اشخاص في اعلاه صليب مقرن الاطراف مع الحرفين وتاريخ الحجر سنة 625 وهي على وفق تاريخ صيداء توافق سنة 514 للمسيح نشرها رينان في بعثة فينيقية (ص 390) مع غيرها من الكتابات المدفنية.

هذا وان كثيرا ً من الكنائس البوزنطية في لبنان وحواضر ساحله قد اصبحت اليوم نسيا ً منسيا ً لا نعرف من امرها سوى ما ورد عنها في التواريخ القديمة. من ذلك ما رواه المؤرخ زكريا المعروف بالدارس الذي ازهر في اواخر القرن الخامس للمسيح وكان انقطع في بيروت الى درس الفقه في مدارسها الشهيرة فكتب في السريانية اخبار رفيقه ساويرس الذي صار بعد ذلك بطريركا ً اول على اليعاقبة فمن جملة ما افادنا عن بيروت في زمانه انها كانت تحتوي على عدة كنائس بوزنطية ذكر منها كنيسة القيامة وكنيسة مريم وكنيسة الرسول الشهيد يهوذا.

وكذلك جاء في تاريخ بيروت لصالح بن يحيى (ص17) ذكر كنيسة اخرى بوزنطية روى عنها تقليدا ً شاع بين النصارى عن ايقونة ضربها بعض اليهود فنزفت دما ً. فهذه الكنائس القديمة لا تظهر آثارها الا بعد حفريات عميقة تزيل الانقاض المتراكمة فوقها بفعل الزلازل وتمادي الزمان كما جرى مؤخرا ً في المدينة لما سعت البلدية بتنفيذ اوامر دولة واليها الاكرم عزمي بك فدمرت بعض الاحياء التي كانت عششت فيها الجراثيم الوبيئة فان العملة وقفوا عند سوق البازركان على آثار ابنية بوزنطية قديمة كانت بينها كنيسة ظهرت حنيتها وبعض اعمدتها مع صلبان بوزنطية الشكل.

ولا شك ان الكتابة اليونانية التي كانت موجودة فوق باب الدركة قريبا ً من كنيسة الاربعين كانت قديما ً على باب كنيسة بوزنطية مضمونها تحريك عاطفة الرحمة في قلوب الداخلين ليسعفوا بصدقاتهم اخوتهم المسكين.

9- الآثار العربية في لبنان


قهر العرب البوزنطيين فملكوا بعدهم على بلاد الشام مباشرين بالفتح في ايام ابي بكر الصديق حتى اتموه في خلافة عمر بن الخطاب فاصبحت سورية جمعاء في حكمهم الا مشارف لبنان لوعور مسالكها فارسل اليها ملوك الروم غزاة من جنودهم يدعون بالمردة كانوا في جهات قيليقية فدخلوا لبنان وحصنوه في وجه العرب وكانوا حينا ً بعد حين يندفعون كالسيل الجحاف من اعالي الجبل فيغزون السواحل وينهبون ويسلبون ويعودون بالغنائم الى مواطنهم ولزموا تلك الخطة العدائية الى ان عيل صبر بني امية فصالح عبد الملك بن مروان ملك الروم وادى له مالا ً ليكف عنه حملات المردة كما روى البلاذري في كتاب فتوح البلدان فرد صاحب القسطنطينية جيش المردة الى بلادهم وحظي الجبل باستقلال نوعي الى عهد الصليبيين. ولذلك لا ترى في لبنان من مآثر العرب الا النزر اليسير لا سيما في جهاته الشمالية التي اعتصم بها اللبنانيون.

اما السواحل فلا تخلو من بعض الآثار الراقية الى الطور العربي منها بعض المزارات الاسلامية كمزار الاوزاعي في جنوبي غربي بيروت له هناك مقام لا تزال آثاره باقية. ويرى مثل هذه المزارات في طرابلس وصور وصيداء وانما هي غالبا ً حجر مكعبة تعلوها قبة.

ولا شك ان العرب كانوا اتخذوا لهم الجوامع والمهابد لآداء فروض دينهم كما حصنوا مدنهم الساحلية بالقلاع الحريزة لرد غارات العدو برا ً وبحرا ً كما افادنا عن ذلك كتبة الفرنج الصليبيين في اواخر القرن الحادي عشر فما بعده. غير ان الآثار تلك الابنية المنيعة قد دثرت بفعل الزمان.

ومما نجا من كوارث الدهر فسعى بجمعه الاثريون بعض الصناعة كخزقيات شتى ترى في المتحف كالآنية البيتية ولا سيما السرج للاستصباح. وكحلي ومصاغات وكؤوس واباريق معدنية عليها نقوش عربية.

ففي متحف سيفر في باريس آنية من الخزف الصيني والصلصال تاريخها من القرون الوسطى بينها الجرار والصحون والاقداح والجامات التي صنعت في معامل صور وطرابلس ودمشق بعضها محلى بالمينا وعليه النقوش والكتابات العربية مما اقتناه الصليبيون فنقلوه الى بلادهم وحرصوا على صيانته.

وفي معاهد الآثار في لندن وباريس وبطرسبورج وبرلين عدة ادوات من الزجاج الفاخر الراقي الى ذلك العهد مما عني بشغله حذقة الصناع في سواحل لبنان وسورية كعكا ً وصور وطرابلس كلها تدل على ان اصطناع الزجاج واستحضار آنيته كان بلغ عندهم غاية كماله. وفي متحف المرحوم شرل شيفر في باريس قدح كبير من الزجاج عليه تركيب المينا بالوان وتصاوير عجيبة بينها صورة صيادين ووحوش ضارية يحاولون صيدها. وكان هذا القدح لبدر الدين الظاهري رئيس جيوش السلطان الظاهر بيبرس في القرن الثالث عشر.

وزد على ذلك ضروب الاقمشة والانسجة الحريرية والثياب المقصبة والاجواخ والديباجات والطنافس التي كان يحيكها اهل طرطوس وصور وطرابلس وانطاكية ودمشق ومنها نموذجات بديعة في المتاحف الاوربية وقد اخبر السائح برخرد انه دخل طرابلس سنة 1283 فوجد عدد المناسج والانوال فيها بالغا ً 4000.

ومن الآثار الباقية ايضا ً من عهد العرب اواني النحاس والفضة والذهب المنقورة فيها النقوش والآنية المحلاة بالتصاوير واصناف الاشكال الهندسية والكتابات العربية. بينها السرج والشماعدين والجامات. ومنها ما كان لخدمة الملوك كصلاح الدين ونور الدين وزنكي ومنها ما صنعه الجوهريون لامراء الفرنج كما ترى في الكتابات المرقومة عليها.

ومن مآثر العرب ايضاً كتابات مدنية وصف بعضها الاب سبستيان رنزفال في السنة الثالثة من مجلة المشرق اخصها كتابة ضريحية بالحرف الكوفي تاريخها سنة 300 للهجرة (913 للمسيح) تجد هناك رسمها (ص 33) وهي مصونة في دار مركز المتصرفية السابق في بيت الدين. ثم كتابة ضريح آخر وجدت في ديربيت خشبو تاريخها شهر رجب من السنة 324 (936م) ارسلت الى رومية. وصورتها في المشرق (3: 739). ونشر رينان كتابة وجدت في حفريات صيداء تاريخها سنة 480 (1087م) امر بوضعها ابومنصور اسكندر الارمني احد مماليك الخليفة الفاطمي المستعلي بالله في وزارة الافضل امير الجيوش.

ومن بقايا ذلك الدهر اسلحة عديدة تحفظ في المتاحف او في بيوت الخاصة كسيوف مجوهرة منقوشة عليها كتابات وكرماح ودروع وخوذ كان يستخرج حديدها من معادن بيروت ولبنان الغنية بهذا الصنف حتى ان قدماء المصريين كانوا يدعون الحديد "با ان برت" اي بضاعة بيروت. وقال المقدسي الجغرافي العربي في القرن العاشر للمسيح: "وبمقربة من بيروت جبل فيه معدن حديد طيب جيد القطع يستخرج منه الكثير ويحمل الى بلاد الشام". وصرح ابن بطوطة بانه يحمل الى مصر.

ويجوز ان نضيف الى ما سبق ذكر الآثار العربية التي ازدان بها لبنان بعد الخلافة ما يرتقي عهده الى ايام دولة المماليك المصريين المعروفين بالبحريين والبرجيين لما صار القطر الشامي في حوزتهم. فمن ذلك ما رواه صالح بن يحيى في تاريخ بيروت عن تجهيز الاساطيل في هذه المدينة في القرن الثامن للهجرة اذ امر يلبغا العمري نائب السلطان الامير بيدومر بان يتوجه الى بيروت ليعمر من غاباتها مراكب كثيرة حمالات وشواني لفتح قبرس وذكر صالح ابنية التنوخيين في بيروت ومخازن وقيساريات وابنية الامير سيف الدين تنكز كبرج بيروت ومخازن وقيساريات وابنية الامير سيف الدين تنكز كبرج بيروت وخانها وحمامها وعدد كذلك ابنية الامراء البحتريين في الجبل وخصوصا ً في اعبيه وعرامون من اقليم الغرب كدورهم الفخيمة ذات الايوانات والعلالي والقاعات وكالمساجد والحمامات والقني لجلب المياه. وقد بقي شيء من هذه الآثار الى عهدنا.

ومما نشرته مجلة المشرق (12: 796) مع رسمه الشمسي صورة كتابتين يرتقي تاريخهما الى القرن التاسع للهجرة ورد فيهما ذكر احد الامراء المعنيين فخر الدين عثمان يؤرخ لبنائه في دير القمر مسجدا ً باقيا ً حتى اليوم سنة 899 ه (1494م).

ومثلها كتابة اخرى ضريحية وقفت عليها البعثة الفينيقية في صيداء تاريخها 27 تشرين الاول سنة 6995 لآدم الموافقة لسنة 1503 للمسيح تذكر وفاة الحكيم ابي الكرم ابن سليمان الدمشقي حكيم المرحوم مالك صور وتبنين.

هذه بعض الآثار العربية ولا نشك ان عددها كان وافرا ً جدا ً ولعل كثيرا ً منها لا يزال باقيا ً في بيوت الخاصة او مدفونا ً تحت الانقاض. والأمل معقود على همة ذوي الامر ان يبحثوا عن مثل هذه الكنوز ويحفظوها في معاهد عمومية لينشط بنظرها صنعة زماننا فيتقلدوها او يجاروها عملا ً.

10- الآثار المنسوبة الى الصليبيين في لبنان


معلوم ان الفرنج في اواخر القرن الخامس للهجرة زحفوا من بلادهم بخيلهم ورجلهم الى بلاد الشام وفلسطين فاستولوا على قسم منها مدة نحو مائتي سنة الى ان دحرهم ملوك المسلمين وردوهم على أعقابهم الى أوطانهم. وقد كان معظم لبنان مع مدنه الساحلية داخلا ً في عدد املاكهم.

وقد اخلف الصليبيون في لبنان من الآثار العظيمة ما يأخذ بألباب الناظرين حتى يومنا هذا. وتنقسم تلك الآثار الى قسمين قسم منها ديني وقسم دنيوي.

الآثار الدينية - هي كنائس واسعة الارجاء محكمة الهندسة على الطراز اللاتيني الشائع غالبا ً في اوربة في القرون الوسطى. فمنها كنيسة مار يوحنا في جبيل باقية الى يومنا. وهي كانت سابقا ً ارحب منها اليوم وكان لها رواق على مدخلها وتقسم في داخلها الى ثلثة اسواق مقببة تنتهي بحنايا. وعمدها مزينة باكله جامعة بين الطرزين الهندسيين الغوتي والكورنثي. وبقرب الكنيسة قبة عالية تحملها اربع سوار مقوسة فوق ثلث منها افاريز ونقوش كان تحتها حوض للعماد.

وفي سواحل لبنان كنائس أخرى من بناء الصليبيين تحولت كلها الى جوامع بعد الصليبيين منها كنيسة صور التي باشر البندقيون ببنائها لاكرام القديس مرقس شفيعهم سنة 1125 فانتهوا من بنائها بعد نيف ومائة سنة كان لها ثلث حنايا وطولها 65 مترا ً في عرض 25 ولم يبق منها سوى قسمها الشرقي. في داخلها اعمدة من الرخام المحبب. ومنها كنيسة صيداء (الجامع الكبير) شيدها الفرسان المعروفون بالابتلار المنسوبون الى مار يوحنا. وكذلك جامع يحيى في بيروت كان كنيسة ابتناها الملك بودوان سنة 1110 على اسم القديس يوحنا الصابغ وهي ذات سوق مصلب من الطرز الغوتي لا قبة لها. وهكذا جامع طرطوس الذي يعد من ابدع كنائس الفرنج في القرون الوسطى. له مدخل فخيم في غربيه تعلوه ثلث نوافذ مثلثة الشكل في وسطه اعمدة ذات اكله كورنثية. وبازاء طرطوس جزيرة ارواد التي زار الشريف الادريسي كنيستها في القرن الثاني عشر فقال عنها: ارواد جزيرة كبيرة فيها كنيسة كبيرة معمورة متقنة البناء شاهقة منيعة ذات ابواب حديد وهي كالمحرس.

وللصليبيين في جبل لبنان كنائس اخرى لا سيما في شماليه ترتقي الى القرن الثاني والثالث عشر ككنيسة مار شربل في معاد وبعض كنائس الموارنة في الكورة والزاوية. اكمة وعلى ظننا ان اسمها مشتق من الافرنسية (Saint Sauveur) اي كنيسة المخلص يحتفل بعيدها في 6 آب يوم عيد الرب والتجلي. وكذلك بين البترون وطرابلس قرية اسمها انفة كانت كنيستها من بناء الصليبيين وقربها كهف واسع في باطنه مرقوم شعار السيد المسيح.

وقد شاد الصليبيون في لبنان ما عدا الكنائس اديرة يذكرها التاريخ بقي منها الى يومنا ذلك الدير العظيم المطل على طرابلس دير البلمند الذي يسكنه اليوم اكليروس الروم الارثوذكس وهو من اعظم اديرة الشرق فخرا ً واضخمها بناء واجملها موقعا ً. بناه رهبان القديس برنردوس المعروفون بالسترسيين سنة 1157 وجعلوه تحت حماية مريم العذراء سيدة بلمنت اي الجبل الجميل وهي لفظة افرنسية اشتقوا منها اسم بلمند وقد اتسعت شهرة هذا الدير في عهد الصليبيين وانعم الاحبار الرومانيون على رهبانه بانعامات كثيرة ولما قطع دابر الفرنج بعد انتصارات الملكين قلاوون وظاهر بيبرس صار ذلك الدير في ايدي اليعاقبة مدة ثم احتله رهبان الروم وبقي في ايديهم الى عهدنا. اما مبانيه القديمة الفخيمة فقد اصابها الدمار الا قسما ً من طبقته السفلى التي تنطق بفضل بناته وحسن هندستهم.

الآثار المدنية – أما المباني المدنية فاخصها الحصون المنيعة والقلاع الحريزة التي بنوها في جميع انحاء البلاد التي تغلبوا عليها. وهذه القلاع منها ساحلية لصيانة المدن كانت تمتد من عسقلان الى جهات قيليقية. وقد عدد منها الشريف الادريسي في سواحل لبنان نحو عشرين حصنا ً لم يبق لاكثرها اليوم اثر. فعدد بين بيروت الى اللاذقية نحو عشرين حصنا ً للصليبيين كحصن المرداسية على ثمانية اميال من بيروت وحصن نهر الكلب قال فيه انه حصن صغير وحصن جونيه على البحر قال عن اهله انهم نتصارى يعاقبه. ثم ماحوز جبيل وحصنها الحصين ثم جبيل قال انها مدينة حسنة على البحر لها سور من حجر حصين. ثم ذكر حصن بترون وهو حصن حسن. ثم حصن انف الحجر (الشقعة). ثم قال عن طرابلس انه يضاف اليها عدة حصون وقلاع معمورة داخلة في عمالتها مثل انف الحجر وحصن القالمون (القلمون) وحصن ابي العدس وارطوسة. ثم ذكر جون عرقة وقال ان له ثلثة حصون تتقارب بعضها من بعض. ثم وصف مدينة عرقة بان في وسطها حصنا ً على قلعة عالية وحصنها كبير. ثم ذكر حصن شنج. ثم انطرسوس وسورها الحصين. وكانت تلك القلاع الساحلية مبنية بالحجارة الضخمة تحيط بها لخنادق برا ً. وكانت مصونة بسلاسل من حديد من جهة البحر.

ومن هذه القلاع ما بني في داخلية البلاد قريبا ً من مضايقها ومسالكها المطروقة وهي مشيدة غالبا ً على مثال الحصون الغربية واضافوا اليها الاستحكامات التي وجدوها شائعة عند الروم. فترى البعض منها مبنيا ً على قمم تلال عالية وعلى صخور ناشزة فوق اودية عميقة تحيط بها الاسوار المنيعة وربما كانت مضاعفة الاسوار وتطيف بها خنادق جارية ً فيها المياه ومصفحة جوانبها المنعطفة بالصفائح الصقيلة. وكان داخلها مجهزا ً بضروب الادوات الحربية من المجانيق والدبابات والمواد النفطية المتفجرة.

وقد يبلغ عدد هذه القلاع في لبنان وحوله نيفا ً وثلثين قلعة منها ما هو اشبه بمدينة كبيرة كان يسكن فيها الوف من الجند. ومعظم هذه الحصون كان في ايدي الرهبانيات المتجندة اعني الهيكليين (Les Templiers) والاسبتاريين (Les Hospitaliers de Saint Jean) والتوتونيين اي الالمان (L'Ordre Teutonique) بنوها احكم بناء لرد هجمات الاعداء مهما كان عددهم فكان للرهبان الهيكليين من الحصون حصن صافيتا وعتليت وشقيف ارنوم وطرطوس وتبنين. وكان للرهبان الاسبتاريين حصن مرقب وحصن الاكراد على الجبل المقابل لحمص وكان للرهبان الالمان قلعة فرين. وكان غيرها في عهدة ملك الفرنج صاحب القدس يحرسها جنده او في عهدة بعض امراء الفرنج كجبلة وبيروت وجبيل. وكانت كل هذه القلاع لا ترام لمنعتها. ومن بعضها الى اليوم بقايا صالحة تحتار الافكار لهندستها وعزها. قال ابن الاثير يصف قلعة صهيون في تاريخ فتحها على يد صلاح الدين سنة 584ه: "قلعة صهيون قلعة منيعة شاهقة في الهواء صعبة المرتقى على قرنة جبل يطيف بها واد عميق فيه ضيق في بعض المواضع... والجبل متصل بها من جهة الشمال وقد عملوا خندقا ً عميقا ً لا يرى قعره وخمسة اسوار منيعة..." وقال ابن الاثير كذلك عن قلعة الشغر التي فتحها ايضا ً صلاح الدين انها "كانت منيعة حصينة لا ترام ولا يوصل اليها بطريق من الطرق فأمر صلاح الدين بمزاحفة اهلها ونصب المنجنيق عليهم ففعلوا ذلك ورمى بالمنجنيق فلم يصل من الحجار الى القلعة شيء الا القليل الذي لا يؤذي. فبقي المسلمون عليه اياما ً لا يرون فيه طعما ً واهله غير مهتمين بالقتال لامتناعهم عن ضرر يتطرق اليهم وبلاء ينزل عليهم" الى ان قال "سلموها لرعب قذفه الله تعالى في قلوبهم والا فلو اقاموا الدهر الطويل لم يصل اليهم واحد ولا بلغ منهم غرضا ً".

فتلك كانت ابنية الصليبيين وقلاعهم وهي حتى اليوم تدهش الناظرين الى الباقي من آثارها. وقد وصفها ونشر صورها العلامة الاثري ج.راي (G. Rey) في كتابه المعنون (Etudes sur les Monuments de l'Architecture militaire des Croisés en Syrie)

وكان للفرنج ابنية اخرى لسكناهم هي قصور بهية ابتنوها وزينوها بانواع الزخارف كقصر الامراء الفرنج المدعوين ايبلين (Ibelin) في بيروت بناه لهم مهندسون من نصارى الروم السوريين وزينوه بالفسيفساء الجميلة واتخذوا له ديوانا ً رحبا ً جعلوا سقفه من الرخام المموه بالذهب. وكان يرى في وسطه تنين يمج الماء من منخريه فيسيل في فسقية قعرها مرصوص بالفسيفساء الممثلة لزهور ناصعة الالوان.

ومما وجد من آثار الصليبيين كتابات مدفنية كتبت على صفائح الرخام بالقلم الحجري الجميل اخصها كتابة وجدت في بستان الآباء الفرنسسكان في صيداء يعلوها صليب رؤساء الاساقفة. ما يدل على ان المقبور هناك كان من مطارنة الفرنج. والكتابة عبارة عن اربعة اشعار لاتينية نشرها رينان في بعثة فينيقية اما اسم المقبور فيشار اليه دون التصريح باسمه.

وفي متاحف اوربة وبيوت الأسر الشريفة عاديات شتى يرقون اصلها الى الصليبيين اجدادهم تلوح فيها سمة الصناعة الشرقية الممتزجة بالفنون الغربية كأسلحة الفرسان من سيوف وخوذ ودروع وتروس كانوا يتخذون حديدها من لبنان كما يشهد عليه الشريف الادريسي وكآنية وأثاث بيوت فضية ونحاسية وخشبية فيها شعارات السادات الغربيين من ملوك وبارونات وقومسات مع اسمائهم المزينة بالنقوش العربية.
ويرى في بعضها الطرز اللاتيني الغوتي كباب كنيسة عكا الذي نقله المسلمون الى مصر وجعلوه بابا ً لبعض الجوامع لم يزل باقيا ً حتى اليوم.

ولدينا عدد عديد من خواتم الصليبيين عليها صور ورموز ومختلفة منها خاتم صاحب بيروت الامير جان ديبلين يمثل بزنهم الحربية وعدة خيلهم كالسرج والقونس واللجام والمهماز.

ومما تقلده الفرنج وتعلموه من امراء الشرق الشعارات المميزة للاعيان المعروفة اليوم بالآرما فكان هذا الفن سبق اليه ملوك الشرق في مصر والشام وهم يدعون الشعار رنكا ً. فكان شعار عماد الدين زنكي صورة النسر طبعه على نقوده وصوره على ابنيته. وكان الاسد شعار احمد بن طولون وشعار الظاهر بيبرس واتخذ غيرهم النبات كشعار مثاله زهرة الزنبق (Fleurs de Lys) التي كانت رنكا ً لاحد الامراء المماليك في مصر قبل ان تتخذها ملوك فرنسة كشعارهم وقس عليه. فجرى امراء الصليبيين على مثالهم وتأنقوا في اختيار الرنك وتفننوا في صنعه حتى صار من مميزاتهم واورثوه سلالتهم من بعدهم الى يومنا هذا ويعرف فنه عندهم بفن الرنك (L'Art Heraldique).

وهنا لا بد ان نضبط عنان القلم اذ بلغ بنا وصف الآثار الى الطور الاخير والازمنة الحديثة حيث دخلت سورية ولبنان ضمن املاك الدولة العلية فآثارها ظاهرة لا حاجة الى بيانها مع قرب عهدها منا ايدها الله ووفقها الى ما فيه خير البلاد ونفع العباد آمين اللهم آمين.

 

 


Panoramic Views | Photos | Ecards | Posters | Map | Directory | Weather | White Pages | Recipes | Lebanon News | Eco Tourism
Phone & Dine | Deals | Hotel Reservation | Events | Movies | Chat |
Wallpapers | Shopping | Forums | TV and Radio | Presentation


Copyright DiscoverLebanon 97 - 2020. All Rights Reserved


Advertise | Terms of use | Credits